بيد أنهم احتجوا بأن الأمة أجمعت على خلافة أبي بكر.
نعم أخذوا عليا (عليه السلام) قهرا، وهو لا يريد أن يجرد سيفا، وإذ وجدوا منه ذلك وهو يقول - وهم يجرونه -: أنا عبد الله وأخو رسوله، حتى إذا أوقفوه أمام أبي بكر خاطب أبا بكر قائلا بأحقيته، ووجد حقه المسلوب، ووجد الذين يحيطون به من أنداده، أغرتهم الدنيا وقاموا ضده كما قام بنو إسرائيل بعد موسى ليتخذوا العجل وهددوا هارون بالقتل إن هو خالفهم.
واليوم يهددون عليا (عليه السلام) بالقتل إن لم يبايع أبا بكر، وجاءت الزهراء (عليها السلام) على تلك الحال تذب عن حمى زوجها، فوجد أبو بكر الوضع المزري، وعرف حقيقة علي (عليه السلام)، وكان من قبل لا يخفى عليه حرصه على بيضة الإسلام، فتظاهر أمام الصحابة بالحلم وخاطب عمر الذي يخاطب عليا (عليه السلام): بايع وإلا تضرب عنقك، وهو يقول: لا أبايع وأنا أحق بالأمر.
هناك اقتنع أبو بكر بما وجده من علي (عليه السلام)، وعدم خطره المسلح، وقال: دعوه ما دامت فاطمة، وبهذا أظهر نفسه بمظهر صاحب الحق والعطف على فاطمة (عليها السلام)، وجاء علي (عليه السلام) وألقى بنفسه على قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يبكي ويقول: يا بن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني (يعيد بها كلمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم قال: علي مني بمنزلة هارون من موسى) وعاد إلى داره كئيبا محزونا ولم يكتف أبو بكر وعمر بذلك الغصب لمقام الخلافة بل عادا إلى غصب نحلة ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد ضربها وإرعابها وإرعاب الحسنين (1).
إني أوجه نظر قارئي الكريم لمطالعة السقيفة في الجزء الثالث من الموسوعة هذه، ومطالعة النبذ القصيرة عن جهود رسول الله (صلى الله عليه وآله) في إعلان كلمة الإسلام