وكم حدثت من مظالم ومهاضم، وكم هضم من حق، وقامت دول ثم زالت، وكأن قرونها الطويلة دقائق، وكم قامت جبابرة وأكاسرة فحطمت أعلامها، وكدست آثارها، وظنوا أنها دائمة لهم، وإذا هم طعمة الديدان، وإذا بقبورهم مدثورة ومخازيهم مشهورة، والله لهم بالمرصاد.
ولم تكن السقيفة بنت ساعتها، فقد كان أبو بكر وعمر وأبو عبيدة والمغيرة وأعوانهم منذ اجتماعهم في نادي الخمرة في عهد إسلامهم في المدينة إذ كانوا يعاقرونها في ندواتهم حتى عام الفتح، وحتى نزلت الآية الثالثة بتأكيد تحريمها، عندها أعلنوا أنهم امتنعوا، بيد أن اجتماعاتهم قد تواصلت وظل عمر يعاقرها، كما نجد ذلك في الكتاب الرابع من موسوعتنا، يستعملها باسم النبيذ، وقد علمنا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إنهم سيستعملون الخمر باسم النبيذ، والربا باسم التجارة، والرشا باسم الهدية، وسيأتي تفصيل ذلك في عهد عمر، كما تجد تفصيله في الجزء الرابع من موسوعتنا هذه.
نعم هكذا كان الحزب السري مستمرا ضد آل البيت (عليهم السلام) وحاشا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) أن تخفى عليه خافية، ولهذا ألقى جميع الحجج عليهم.
وأعلن كما رأينا في شتى المناسبات عن كرامات علي (عليه السلام) وفضل أهل البيت (عليهم السلام)، وأعلن فضله وأعلن وصايته وإمامته وخلافته وولايته على الخاص والعام، وما يوم الغدير بمنكر وفيه اجتمع (100 - 200) ألف من الشهود، وطلب منهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يكونوا شهودا.
ولا تنكر من أبي بكر وعمر نفسه حين يهنئان عليا (عليه السلام) بالإمارة بقولهما: بخ بخ لك يا ابن أبي طالب، لقد أصبحت مولانا ومولى كل مؤمن ومؤمنة، ولا كلمة جبرئيل إذ يخاطب عمر، ويقول له: لقد عقدت ولا ينقضها إلا منافق، قال تعالى في الآية (145) من سورة النساء: * (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار) *