ولكن عمر في عهد خلافته ما كان يهمه أن يعلن ذلك ويقول: إن أسامة كان أميري، كما أعلن مرات أن عليا مولاه مشيرا إلى غدير خم، وأخرى يعلن أن من خالف عليا منافق حينما اعترض عليه أعرابي إذ حكم فيها عليا.
وسيأتي تفصيل ذلك كما مر في الجزء الرابع من موسوعتنا " كتاب عمر ".
وهكذا تمر الأيام والساعات سراعا، ونرى في آخر عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفي مرض موته أن أبا بكر وعمر قد سمعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول إنهما آخر حجة، وأنه سريعا سيدعى ويجيب بعد غدير خم، ووجدا أن مرضه يشتد، ولم يجدا مناصا وقد تعاهدا على غصب الخلافة أن لا ينفذا مسيرة أسامة.
وعلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بذلك فلعن من تخلف ولم يجد لعنه، وطلب القلم والقرطاس فصده عمر، ويعلم من أبي بكر، ولكن في هذه المرة ليس كالمرات الأخرى، لم يصده بل أعانه وشد أزره بإيعازه إلى ضربه بتأييده، وقد حانت الساعة بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وهذا المغيرة بن شعبة يحرضهما على كسب الوقت وبنو هاشم مشغولون بتغسيل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكانا ليلتها أعلنا الفتنة بين الأوس والخزرج، فقال: إن سعدا يريد إعلان خلافته بتأييد الخزرج فيبقى الأوس تحت ربقتهم، فخالفوهم وألقوا الفتنة بين الخزرج نفسها، بتحريض ابن عم سعد ضده.
وحانت الفرصة وإذا ببني هاشم في بحبوحة من الانشغال، وإذا بالأنصار يجتمع قسم منهم، وسعد مريض بينهم لا يقوى على القول والعمل، وإذا بالثلاثة أبي بكر وعمر وأبي عبيدة الجراح يحضرون، وقد هيأوا الأمر من قبل، ويخاصمون من حضر بأن المهاجرين هم الأمراء لسبقهم في الإسلام وقرابتهم من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والأنصار الوزراء فيمد أبو بكر يده ويقول: ها أنذا أبايع أحد اثنين أبا عبيدة صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو صاحبه عمر.