فالجواب: وما فائدة ذلك بعد أن أعلنوا أن رسول الله يهذي، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أعلمه الله بما سيقومون به، وقد قال الله عز من قائل، في الهداية، في الآية (3) من سورة الدهر: * (إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا) *.
وهناك الآيات الواضحات في القرآن، منها الآية (58) من سورة الأعراف:
* (والذي خبث لا يخرج إلا نكدا) *.
وما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليؤاخذ الأفراد بما يخفون، وما كان ينطق أو يعمل عن هوى بل هو وحي يوحى، وأن قضاء الله ماض، ولكن الله أعطى الخيار للبشر باتباع الخير أو طريق الشر، كما أعطاه وعلمه عقلا سبيل الخير والشر، ولهذا وضع لهم عقوبة وجزاء للخير من جاء به وللشر لمن جاء بالسيئة.
وما كانت تخفى على رسول الله (صلى الله عليه وآله) مكائد زوجاته تلك التي جاءت في الكتاب، ولا مكائد المنافقين تلك التي وردت أيضا في كتابه المجيد، ولكم كان عمر يسأل بعض الصحابة: هل ذكره رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المنافقين؟ ولكم ظهرت عليه علائم الشك بالرسالة وجاهر بها وصده أبو بكر وأعلن له خطر ذلك، فكان أبو بكر من هذه الناحية له حق الأسبقية والأرجحية على عمر لتعديل شدته ورده للاعتدال.
وستأتي حالات عمر بعد هذا.
واستمرت تطفح على أبي بكر وعمر خوالجهما ويفسدها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقد أوضح لهما لماذا لم يسلمهما قيادة جيوشه في خيبر وغيرها، وأعلمهما أنهما أقل قدرة حتى من عمرو بن العاص وخالد بن الوليد، وحتى من أسامة بن زيد الذي قيل تأمر عليهم وعمره أقل من عشرين سنة، وهي قبيل وفاته.
وقال أسامة حين اعترض على أبي بكر عندما حضر السقيفة وأعلن خلافته:
أنا أميركم فمن أجاز لكم الخروج عن إمارتي؟