وقرطاسا ليكتب كتابا لن يظلوا بعده، فمنع عمر ذلك وقال: حسبنا كتاب الله، وقال: إن الرجل ليهجر.
وبعدها في زمن خلافته يعترف لابن عباس بأن النبي (صلى الله عليه وآله) أراد أن يبين خليفته من بعده ومنعته. وترى جميع أسانيد ذلك في الجزء الثالث والرابع من موسوعتنا.
وإذا ما قارنت المواضيع من التخلف عن جيش أسامة إلى منعهم القلم والقرطاس ليكتب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم بعدها السقيفة وغصبهم الخلافة من أهلها وسيرتهم لعلمت أنها خطة مدبرة يشد بعضها بعضا سارت على خلاف ما أمر الله ورسوله (صلى الله عليه وآله).
وتعرف في الوقت نفسه أن أبا بكر هو المسيطر، وأنه وعمر متفقان في الرأي والقول والعمل، ولو شاء لما تأخر عن جيش أسامة، ولو شاء لمنع عمر من أعماله وأقواله كما كان يفعل معه في كثير من الموارد التي ستجدها في الكتاب الرابع.
بيد أنه كما قال معاوية بن أبي سفيان في جواب رسالة محمد بن أبي بكر: إنهما (أي أبا بكر وعمر) اتفقا واتسقا على ما قاما به في جميع أعمالهما من غصب وعزل ونصب.
وستجد ذلك من الوثائق والمستندات ومن طراز الفكر والقول والفعل الذي سارا عليه، وأن جميع أعمالهما كانت مقصودة وأنهما سارا بآرائهما في سياسة وخطة مدبرة، وهذه السياسة برقعاها ببرقع الدين، بيد أنها حين اصطدمت بمصالحهما حاولا أن يجلبباها بجلباب إسلامي وإلا لسارا إلى أهدافهما لا يقف أمامهما نص ولا سنة ولا نهي ولا أمر من الله أو رسوله (صلى الله عليه وآله).
هذا ما سارا عليه حتى إذا جاء عثمان وتلاه آل أمية نزعوا جلباب الدين والتظاهر به نهائيا، ومشوا - كما قال عمر في معاوية إنه كسرى العرب - في تحطيم وتهديم أسس الدين وأعوانه، وإقامة ملك عضوض كما سار من كان قبلهم من