وتمادى، وإن قبل عثمان بالعزل وانتخب المسلمون بعده من شاءوا فلم يبق له عند الخليفة القادم وهو أموي سوى اعتزال مقامه، وهذا ما لا يريده معاوية، الطامع الكائد الكافر، وقد هيأ نفسه للملك.
وإن استطاع أن يمد عثمان بالقوة على المسلمين، وهذا عثمان في أرذل العمر وعلى حافة الموت، وعند موته سيجتمع المسلمون وينتخبون الأصلح، وعند انتخابه سوف لا يبق لبني أمية من يسندها، ولا بد له من اعتزال الأمر، وهو لم يجد في الأمر سوى الكيد، وما هو هذا الكيد؟ نعم هو إغراء الخليفة بما سيمده له من القوة والعدد والعدة وحثه على المقاومة، وحث مروان وزيره المستشار على ذلك، وبالوقت تأليب المسلمين وتخديرهم بقتل الخليفة الذي لم يرض اعتزال الحكم والتخلي لغيره، ولا تعديل نفسه والوفاء بالعهود.
ولا تعزب عن معاوية خطته المدبرة وقد أحاط نفسه بشراء الضمائر وجمع المنافقين والفاسقين حوله، من كل منفور ومبغوض من المهاجرين والأنصار، بما يسديه لهم من الوعود، ويمدهم بالأموال وإرسال الوفود إلى رؤساء القبائل الموالية لغيره ومدهم بالرشوة والوعود، أو تهديدهم بالوعيد.
وما أن قتل عثمان حتى ضم المحرضين على قتله وقاتليه إلى صفه وأرسل بيعته إلى طلحة والزبير اللذان بايعا عليا لنكث العهد، ولبث التفرقة في الصفوف والكيد للأمة، وقد نجحت خطته أمام علي لما يعرفه فيهم، وأن قيامهم إنما لأجل المال والمآل، لا الدين، وهذا ما لم يجداه في علي.
ومعاوية الذي تلقى رسالة عثمان، إن أهل المدينة بما فيهم من مهاجرين وأنصار الذين يمثلون نخبة المسلمين وقطب الإسلام ومطمح أبصارهم يوصمهم الخليفة بالكفر، علم أن خطته نجحت ودنت الفرصة، فأرسل جيشا إلى المدينة، بيد أوصى قائده بعدم التعرض لأهل المدينة، إن ذلك ما يفسد خطته، ولكنه ثبت