فعلي (عليه السلام) واقف على نوايا وأعمال كل من عثمان وطلحة.
وما أحلى ما قاله علي (عليه السلام) في طلحة (1) حينما بدأ يطالب طلحة بدم عثمان بهتانا وزورا وهو قاتله، قائلا: " والله ما استعجل (يقصد طلحة) متجردا للطلب بدم عثمان إلا خوفا من أن يطالب بدمه لأنه مظنته ولم يكن في القوم أحرض عليه منه، فأراد أن يغالط بما أجلب فيه ليلبس الأمر ويقع الشك، ووالله ما صنع في أمر عثمان واحدة من ثلاث، لأن كان ابن عفان ظالما كما كان يرغم - لقد كان ينبغي له أن يوازر قاتليه أو ينابز ناصريه - ولأن كان مظلوما لقد كان ينبغي له أن يكون من المنهنهين عنه والمعذرين فيه، ولأن كان في شك من الخصلتين لقد كان ينبغي له أن يعتزله ويركد جانبا ويدع الناس معه، فما فعل واحدة من ثلاث، وجاء بأمر لم يعرف بابه ولم تسلم معاذيره ".
ولم يخف على عثمان من تحريض طلحة عليه وكان يدعو الله أن يكفيه شره.
فقد قال بشر بن سعيد (2): حدثني عبد الله بن عباس بن أبي ربيعة قال: دخلت على عثمان فتحدث عنه ساعة فقال: يا ابن العباس، تعال، فأخذ بيدي فأسمعني كلام من على باب عثمان فسمعنا كلاما. منهم من يقول: ما تنتظرون به، ومنهم من يقول: انظروا عسى أن يراجع، فبينما أنا وهو واقفان إذ مر طلحة بن عبد الله فوقف فقال: أين ابن عديس؟ فقيل ها هوذا! فجاء ابن عديس فناجاه بشئ ثم رجع ابن عديس فقال لأصحابه: لا تتركوا أحد يدخل على هذا الرجل ولا يخرج من عنده. قال: فقال عثمان: هذا ما أمر به طلحة بن عبد الله. ثم قال عثمان: اللهم اكفني طلحة بن عبد الله فإنه حمل علي هؤلاء وألبهم، والله إني لأرجو أن يكون منها صفرا.