وقد رأينا أن شبث بن ربعي خاطب معاوية: إنه والله لا يخفى علينا ما تعزو وتطلب، إنك لم تجد شيئا تستغوي به الناس، وتستميل به أهواءهم وتستخلص به طاعتهم. إلا قولك: قتل إمامكم مظلوما، فنحن نطلب بدمه، فاستجاب له سفهاء طغام، وقد علمنا أن قد أبطأت عنه بالنصر وأحببت له القتل بهذه المنزلة التي أصبحت تطلب.
وهذا ابن عباس يجيب معاوية عندما صالح الحسن معاوية، ومعاوية اتهم ابن عباس أنه من القتلة والمحرضين على قتل عثمان، قائلا لمعاوية: فأقسم بالله لأنت المتربص بقتله والمحب لهلاكه والحابس الناس قبلك عنه على بصيرة من أمره، ولقد أتاك كتابه وصريخه يستغيث بك ويستصرخ، فما حفلت به حتى بعثت إليه معذرا بأجرة أنت تعلم أنهم لن يتركوه حتى يقتل، فقتل كما كنت أردت، ثم علمت عند ذلك أن الناس لن يعدلوا بيننا وبينك فطفقت تنعى عثمان وتلزمنا دمه، وتقول قتل مظلوما، فإن يكن قتل مظلوما فأنت أظلم الظالمين، ثم لم تزل مصوبا ومصعدا وجاثما ورابضا تستغوي الجهال وتنازعنا حقنا بالسفهاء، حتى أدركت ما طلبت وإن أدري لعله فتنة ومتاع إلى حين.
ولابن عباس رسالة أخرى جوابا لرسالة معاوية (1). يؤيد فيها أن معاوية هو قاتل عثمان.
ومن هذا نعرف كيف أن ابن عفان استأمن كل خائن مستشارا، مثل مروان الذي كان ينكث العهود، وواليا مثل معاوية الذي خانه طلبا للملك في أحرج الساعات، وهل يصلح مثل هذا الخليفة لتسيير دفة الحكم، وأن عمر بن الخطاب صدق ظنه به، وجاء متعمدا لكل هذه الفتن وإشعال التفرقة بين المسلمين،