من المؤرخين المذكورين أدناه، وغيرهم، في عائشة لوجدت أنها لم تسر يوما ما بتحريض الدين، بل هي دوما إنما تسيرها أهواؤها، وهذه الأهواء طورا تلائم أرضا خصبة وتأيدها ماديا ومعنويا، كما وجدته في قيامها ضد عثمان بغية الوصول إلى غاية نقل الخلافة مرة أخرى إلى تيم، حاثة الخاصة والعامة للإطاحة وأنه غير وبدل، ومرة تظهر شعر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو لباسه ونعليه، وتقول إنها لم تبل وأبلى سنته عثمان وآل أمية، وهي إن صدقت فلماذا تتخذ منع تدوين سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) في عهد أبيها؟ ومخالفة النصوص في عهده وعهد عمر، المارة الذكر في كتابنا الثالث والرابع؟
بل كيف أشادت بعثمان في أول عهده؟ وهل خفي عليها أن هناك من هو أحق بالخلافة منه؟ وما الذي قلبها وغير لهجتها حينما علمت أن عثمان قتل وكانت قالت على أثر ذلك: أقصاه الله وأبعده، وإذ عادت تسمع أن عليا (عليه السلام) أصبح الخليفة قالت: ليت السماء انطبقت على الأرض، وأردفت في اللحظة دون ما مبرر قائلة:
إن عثمان قتل مظلوما.
وما كاد يهمها العامة وانتقاد المنتقدين لتناقض أقوالها، وهي في كل مرة تظهر لهم عذرا لعذرها أن عثمان استتابوه وقتلوه ناسية فتواها وتحريضاتها، وآخر كلمتها بعد قتله: أبعده الله.
قيس بن سعد بن عبادة:
هو بدري ورئيس الخزرج، وهو الذي اعترف في رسالته الجوابية لمعاوية قوله: ذكرت عظم عشيرتي لم تسلم من دم عثمان فأول الناس كان قياما عشيرتي ولهم أسوة.
ولقيس هذا محاورة مع النعمان بن بشير في صفين جوابا يرويه نعمان، قوله: