يتولى دفنه، كل ذلك أخبره به رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد منع عثمان أحدا أن يودعه، فلم يودعه سوى علي والحسنين (عليهم السلام) وعقيل، وعارضه مروان فزجره، وبكى أبو ذر عند وداعه وهو يقول لعلي وولديه: بأبي أنتم وأمي إذا رأيتكم ذكرت رسول الله بكم (1).
وقال له علي: يا أبا ذر إنك غضبت لله إن القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك فامتحنوك بالقلى ونفوك إلى القلا، والله لو كانت السماوات والأرض على عبد رتقا ثم اتقى الله لجعل له منها مخرجا، يا أبا ذر: لا يؤنسنك إلا الحق، ولا يوحشنك إلا الباطل.
ثم قال للحسنين: ودعوا عمكم. وقال لعقيل: ودع أخاك. ثم تكلم عقيل فأحسن الكلام، ثم تكلم الحسن (عليه السلام) فأجاد، وتكلم الحسين (عليه السلام) وسلاه.
ولم يزل أبو ذر آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر، لا يردعه عن ذلك أي خوف وتهديد وزجر وإهانة ونفي وتعذيب من عثمان وأفراد قبيلته وأتباعه الذين فضحهم، وما ارتدعوا عن منكراتهم، متمسكا بالآية الشريفة من سورة آل عمران، الآية (104): * (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) *.
لا تأخذه في الله لومة لائم، وحق له والله ذلك، وهو العالم المعلم يرى بني العاص وآل أمية يخضمون مال الله وعباده خضمة الإبل نبتة الربيع، قد اتخذوا عباد الله خولا ومال الله دولا ودينه دغلا، يتنعمون بمال المسلمين ويكنزون الذهب والفضة من مال الصدقات والخمس والفئ.
وخيار المسلمين وآل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا حول لهم ولا قوة يقاسون