أموالهم لمحض رسالة أرسلها له شخص ما وذكر إشارة أنهم يجبون أموال غير مشروعة لذا نراه يناصفهم أموالهم دون إقامة بينة.
حتى لقد ناصف بعض أفراد لمحض أنهم يمتون لأولئك بصلة، ومن الغريب في هذا الأمر أن عمر إذ يناصفهم لا يسمح لهم بالدفاع المشروع عن أنفسهم، وحتى ليلقى الأمرين من دافع، ورغم هذه المناصفة يعيدهم إلى مقر أعمالهم.
وهذا ما يؤخذ عليه إذ لو صح عملهم ذلك فلا يجوز إعادتهم للولاية على المسلمين، وإن لم يثبت فكيف ناصفهم أموالهم.
ولكم هدد وحبس وأهان صحابيا عظيما لرواية رواها كان سمعها من رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى أصبح الناس في ضيق روحي وجمود فكري، إذ النظريات وتبادل الآراء والمناظرات والبحوث هي المادة الأولى لجميع العلوم والفنون، وتلك العلوم التي انتشرت، وجميع الصناعات والاختراعات والمكتشفات والقوانين، إنما هي نتيجة النظريات والبحوث وتبادل الآراء واحتكاك الأفكار.
لذا نرى العهد العمري عهدا من أشد العهود جمودا وضراوة للأفكار والعلوم والفنون والخمود الذهني، وكلما كان هناك تجييش الجيوش وفتح البلدان وجباية الأموال وكسب الغنائم، وليت أن هذه الغنائم أغنت المسلمين وعرفوا حقا بقيادة خليفتها من الاستفادة منها، وليت القسمة كانت عادلة، كما كانت في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بل نجده بدأ بتفضيل نساء على نساء، ورجال على رجال، فعائشة أم المؤمنين لها الحظ الأوفر، وهناك جماعة من المهاجرين يفضلون على آخرين بالمال، وآخرون من أولاد الطلقاء يفضلون على المهاجرين والأنصار على ولاية الأصقاع والبلاد المفتوحة كأولاد أبي سفيان وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وغيرهم.
وهكذا كان العهد العمري يمتاز بالاستبداد المطلق في الحكم والجمود الفكري