نقل عن عمر بن ميمون عن أبيه، أنه أتى عمر بن الخطاب رجل فقال:
يا أمير المؤمنين إنا لما فتحنا المدائن أصبت كتابا فيه كلام عجيب، قال: أمن كتاب الله؟ قال: لا. فدعى بالدرة فجعل يضربه بها وجعل يقرأ * (ألر تلك آيات الكتاب المبين) * (1) حتى وصل * (وإن كنت من قبله لمن الغافلين) * (2) ثم قال: إنما هلك من كان قبلكم أنهم اقبلوا على كتب علمائهم وأساقفتهم، وتركوا التوراة والإنجيل حتى درسا وذهب ما فيهما من العلم.
ترى هل ينطق ويفعل ذلك إلا من جهل العلم والحكمة ومفهوم القرآن الكريم والسنن النبوية؟
وأخرج عبد الرزاق وابن الضريس في فضائل القرآن، والعسكري في المواعظ، والخطيب عن إبراهيم النجفي، قال: كان بالكوفة رجل يطلب لعلمه، فجاء فيه كتاب من عمر بن الخطاب أن يرفع إليه، فلما قدم على عمر علاه بالدرة، ثم جعل يقرأ عليه الآية السابقة نفسها: * (الر تلك آيات الكتاب) * حتى بلغ (الغافلين) قال: فعرفت ما يريد، فقلت: يا أمير المؤمنين: دعني فوالله لا أدع عندي شيئا من تلك الكتب إلا أحرقته (3).
هؤلاء العلماء المساكين والأمة الإسلامية ومن يحكمها، انظر هل ترى بين الطغاة من التتر والمغول وغيرهم أشد وبالا على العالم ممن ينهض من وسط وينبوع العلم والحكمة تلك الشريعة المثلى الإسلامية، ويسير عكس أصولها ووصايا قائدها ونبيها الأعظم، فيبدل العلم والحكمة بالجهل، والبر والإحسان والرأفة والرحمة بالغلظة والفضاضة والتقهير والتخريب، واحترام العلماء وذوي