التقوى بذوي العصبيات والجهالة، وكل ما يخجل وجه الإنسانية وضمير الشريعة الإسلامية الداعية إلى الفضيلة والحكمة والعلم وتوقير أهله.
وإليك ويلات أعظم وأسانيد تثبت أمر عمر بحرق وإتلاف مكتبات الإسكندرية (1) ونتيجة البحوث والمطالعات العلمية والحكمية والفنية، بما جمعت من الشرق والغرب وما فيه من علوم رياضية وطبيعية وأدبية وكل شئ، تلك التي بذل لجمعها فحول الحكماء وعلماء الطب وعلماء الرياضيات وعلوم الفلك وكل ما أنتجته أدمغة البشر في ذلك العهد، وعنى بجمعها ودراستها أشهر الملوك، فأشادوا لها الجماعات، وقامت عليها الحضارات والثقافات اليونانية والرومانية والبابلية والآشورية والفارسية والهندية وغيرها.
تلك التي تتجاوز عن آلاف السنين من الخبرة والتجربة البشرية المأسوف عليها، أنها تدمر في عهد إسلامي، وعلى خلاف الأهداف الإسلامية، بل الدين والكتاب الإسلامي ونبيه (صلى الله عليه وآله) والخلفاء، الذين نص عليهم، وأنهم يتبرأون من مثل هذه الجنايات الكبرى، وإليك شرح نبذة منها:
أخرج أبو الفرج الملطي في تاريخ مختصر الدول، وهو الذي توفي سنة (684 ه) ص 18 طبعة يوك في اوكسونيا سنة (1663 م) ما نصه: وعاش (يحيى الغراماطيقي) إلى أن فتح عمرو بن العاص مدينة الإسكندرية، ودخل على عمرو وقد عرف موضعه من العلوم فأكرمه عمرو، وسمع من ألفاظه الفلسفية التي لم تكن للعرب بها سابقة ما هاله، ففتن به. وكان عمرو بن العاص عاقلا حسن الاستماع، صحيح الفكر، فلازمه، وكان لا يفارقه. ثم قال له يحيى يوما: " إنك قد أحطت بحواصل الإسكندرية، وفتحت على كل الأصناف الموجودة بها، فما لك به انتفاع