التي تشد بعضها بعضا توثيقا للهدف الذي قاما به، واستمرار ذلك الهدف في حياتهما وبعد وفاتهما، غير آبهين بالنصوص من القرآن والسنة، فالرجل السياسي غير الرجل الديني، نعم السياسي له هدف وغاية. والرجل الديني له غاية وهدف.
فالرجل الديني غايته الكتاب والسنة وعدم الانحراف أبدا عما أمر به الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) وإن خالف هواه، وهوى أي فرد آخر، أو مجموعة أخرى، ويحسب أن الله رقيب على نواياه وأقواله وأفعاله على ظواهره وبواطنه، فلا يبطن ما يظهر ويظهر ما يخفي، ونظره الصالح العام والبر والإحسان والتقوى هي غايته للتوصل إلى رضاء الله.
والتقوى لديه هي الرمز لأفضلية الأفراد، وبحكم التقوى والعلم والحكمة حيث قال تعالى في سورة الحجرات، الآية (13): * (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) *.
وقال سبحانه وتعالى في سورة الزمر، الآية (9): * (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) *.
وقال تعالى في سورة البقرة، الآية (269): * (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا) *.
ولا شك وأن للسابقة المقام الأول في الإيمان حيث قال عز من قائل في سورة الواقعة، الآيتان (10 و 11): * (والسابقون السابقون * أولئك المقربون) *.
أما الرجل السياسي فهو على نقيض الرجل الديني، وليس له مثل تلك الحدود والقيود، فالغاية عنده تبرر الواسطة، وما دام الدين يوصله لغايته يتبعه وطالما تظاهر به إرضاء للرأي العام، وسار لإرضاء غاياته الشخصية وأغراضه وشهواته النفسية وغرائزه، ولا يهمه الفرد والجماعة والدين والتقوى والعلم والحكمة،