أقول: كيف نطق الرجل حقا وصدقا، وكيف أن الأمة بقلوبها تهفو لعلي (عليه السلام) وتضمر له الولاء سوى عصبة كادت لعلي (عليه السلام) وآل بيت الرسول (صلى الله عليه وآله)، كادت للأمة الإسلامية أن يقودها غير قائدها، ويسوسها غير سائسها، وتزل عن طريق الصواب إلى الهوة السحيقة، وقدر لها أن تتمزق شر ممزق، وتعود القهقري وتنشب فيها الحروب والفتن، وتملأ نفوسها الأحقاد والضغائن والإحن، ويبقى الظلم سائدا والإجحاف صامدا، يسود الغادر ويهاب الفاجر ويقهر صاحب ألحق المبين وينزوي التقي الأمين، مكرها صابرا ومناضلا ناحرا، ما فتئ للصواب رائدا، وللمؤمنين قدوة وقائدا.
قارئي الكريم! أن أمامنا طريقين: أما نفكر في دين وإسلام، ونرعى أوامر الله ونواهيه التي أوردها في كتابه الكريم وننتهج سبل الحق وسنن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونتبع المنطق السليم، ونجعل العقل مرشدا والوجدان حكما، فلا مناص إلا أن نتخذ عليا (عليه السلام) إماما وعلما وخليفة حق بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ونتقبل ما ورد فيه وفي عترته، نعترف بهم كقادة حق، وأنهم أحرص على بيضة الإسلام وسنة جدهم (صلى الله عليه وآله)، الذي أشاد بذكرهم، وأمر بطاعتهم ونهى عن مخالفتهم، وإذا تحقق لنا ذلك وقد تحقق عقلا ونقلا مسندا بإجماع السنة والشيعة، عدا النواصب، بأفضليتهم على من سواهم، كما تحقق لنا عقلا ونقلا أن حقهم قد اغتصب وأنهم ظلموا وأن الأمة تشتتت وانحرفت من صراطها السوي، ولدينا الزمن والتاريخ خير شاهد، وليس بإمكاننا بعد معرفة الحق أن نحيد عنه، ولا يجوز لنا أن نتقبل الظالم والمظلوم، والمتجاوز والمكلوم، والكاذب والصادق، والمؤمن والمنافق، ولا نفرق بين الجاهل والعالم، والجبان والباسل، والسابق في الإسلام والطليق، والأصيل واللصيق، ويل للظالمين كيف يحكمون! والويل لهم إذ يحاكمون.
فإن فعلنا ذلك فلا نزال في غينا وتعصبنا الأعمى، وجهلنا المطبق، كيف نقبل