بيد لا نراه أبدا ينصاع ولا يرعوي بل يشتد ويتعمد ويسير على خطة العداء لآل محمد (صلى الله عليه وآله) والتقرب من أعدائهم، وإذا به يؤسس أساس نقل الحكم نهائيا إلى فئة هم ألد خصومة للإسلام، لا نرى أشد منهم، وهو بالوقت يتنبأ لهم بالملك ويشيد لهم.
ومن الغريب أن عمر بدأ في الدور الثاني من حياته إلى الاستبداد ومد يده إلى أعظم أصول الشريعة وأجل أحكامها ونصوصها كمن يريد أن يبدل الكتاب والسنة ويأتي بنصوص غيرها، وهو يجرب في كل مرة هل هناك أمام هذا الطغيان العمري والشدة التي يمارسها من أحد ينبس ببنت شفة.
وهو وصاحبه بدءا عملا مبدئيا وكأنهما كانا يقصدان غاية، وهو منع تدوين الحديث والسنة باسم أن الأمة مشغولة بالحرب، وأن الكتاب فيه ما يكفينا.
بينما الصحابة أجمعت على وجوب تدوين السنة التي هي من أشد الضرورات لفهم الكتاب.
بيد نرى القدر لم يمهل أبا بكر سوى سنتين، والمعلوم أنهما أي أبا بكر وعمر انتهجا واتفقا على مسيرة وهدف واحد.
فتقريب أبو بكر لآل أمية وأعداء الإسلام لم يزحزحه عمر، وسار عمر مدة على نفس مسيرة أبي بكر هذا في الدور الأول من خلافته، بيد نراه بعدها طغى واشتد استبدادا، ونراه كلما ارتأى ذلك لم يجد معارضا، أخص والحروب على أشدها والقواد في قبضته، فلا نرى من نابس، حتى ظهرت بوادر جديدة هي أشد بعد منع تدوين السنة، نعم هي منع النصوص وما كان جاريا في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بدون دليل وبرهان بل إقراره واعترافه الصريح بأنه كان على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) حلالا، وأنه يحرمها وأنه يعاقب على من قال بحليتها أو أتى بها.
وهذا الذي بدأ به وجد فيه في الدور الثاني وظل يتلاعب بالنصوص الواحدة