وبعدها التفرقة والشقاق، وبعدها الضعف والخذلان والبغضاء، وأنت الذي أحييت من جديد العصبيات الجاهلية والنعرات القومية، بعد أن قضى عليها الإسلام (1) ومحاها الإيمان.
نعود لنذكر أيضا كلمات الأستاذ عبد الفتاح عبد المقصود، قال غفر الله له في الجزء الأول ص 292: " ولكنا نرى عهد الخليفة الطعين باديا في صورة من الامعان في تأليب قوى العصبية كلها ضد ابن أبي طالب. فلقد ضمت الشورى أيضا سعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف وكلا الرجلين من زهرة ولكليهما نسب موصول ببني أمية، أتى الأول من ناحية أمة حمنة بنت سفيان، وأتى الثاني من ناحية زوجه أم كلثوم بنت عقبة أخت عثمان.
فإذا علمنا هذا فماذا بقي بعده يدع لعلي (عليه السلام) فرصة واحدة للفوز؟ وأي بطن من قريش ينصف قضيته وقريش كلها خصومه وقضاته في آن واحد!
وكذلك كانت وصية عمر بالشورى توحي إلى الرجل المغلوب كما يوحى عهد مكتوب.
وخرج أصحاب الشورى من لدن الشيخ الجريح بوجوه غير التي دخلوا بها عليه، في قلوبهم ألوان تباينت من المشاعر، وفي نفوسهم أهواء شتى تصخب وتتلاطم، وكل له هم سوى هم أخيه.
وكان الناس عند الباب في جموع تنتظم الكبير والصغير قد تدافعوا ينظرون الرجل الذي ظنوا أن انعقد له اللواء، ولكن الأمر بدا كأن لم ينضج، وتعلقت آلاف العيون المتعلقة إلى ذلك الربعة الضخم وهو يسير إليهم كما ينحدر السيل، وبدا لهم