يمكن أن يقال: إن الاسقاط والعفو هنا وفي حق القذف والقصاص بمعنى اخراج نفسه عن الطرفية للإضافة الشخصية، فلا ينافي وحدة الحق حقيقة كما كان للمورث مثلا.
وأما ما ذكرنا من أن الحق باعتبار قابلية متعلقة قابل للتعدد والنقض، وفي الشفعة كذلك فإن استحقاق تملك الأرض مثلا باعتبار متعلقه قابل للتعدد فيقوم الورثة مقام مورثهم بالحصص.
فمدفوع هنا بأنه إنما يوجب التعدد إذا كانت وحدة الحق انبساطية عمومية كما في حق الأولوية، إذ ليس المورث مستحقا لتملك التمام والنصف والثلث والربع حتى يعقل قيام ورثته مقامه بالحصص، بل الشفيع له الأخذ بالتمام وإلا فلا، فله خصوصية لا يمكن معها الانبساط الموجب للتعدد بالحصص.
وتوهم: أن الأخذ بالتمام مع الاستحقاق بالحصص عند عفو بعض الورثة لأن المقتضي للأخذ هو الشركة.
مدفوع: بأن الشركة المقتضية للشفعة هي شركة المورث، والورثة إنما يرثون الحق بسبب الإرث لا من أجل كونهم مع المشتري شركاء، وإلا اختص الحق بما عدا الزوجة في مثل العقار، مع أن المشهور أنها ترث مطلقا، وعلى هذا المسلك فاللازم دعوى أن عنوان الشريك ليس بلازم في مراتب سريان الحق، وإنما هو عنوان بالإضافة إلى الأخذ بالشفعة في الطبقة الأولى.
فظهر من جميع ما ذكر أن عفو بعض الورثة ليس معنى اسقاط أصل الحق كي ينافي بقاءه مع فرض الوحدة أو انقلابه عما هو عليه، بل بمعنى اخراج نفسه عن الطرفية لتلك الإضافة الشخصية فيستقل الوارث الآخر في الطرفية من دون انقلاب في الحق، والمانع من استقلال هذا الوارث في الطرفية ابتلاؤه بالآخر، فإذا زال لم يكن مانع عن الاستقلال.
فإن قلت: إذا كان الحق واحدا لم يتعدد ولم يتبعض فما الوجه في حكم المشهور بأن الورثة يرثون حينئذ بالحصص، فللزوجة الثمن وللذكر مثل حظ الأنثيين.