حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ٩٠
الممكن، فلا يتصور النظام الأتم منه.
فالسؤال باللمية والغاية والغرض سؤال ناش من الجهل، كما أن الأسئلة السبعة المعروفة لإبليس واقعة من جهل اللعين، والحق تعالى أجابه بالوجه الإجمالي الأحسن بقوله: " لا اسئل عما أفعل " فهو - عز وجل - لأجل أكملية فعله لا يسأل باللمية المطلوب بها انطباق الفعل على الأكمل الأصلح، ولا أكمل ولا أصلح من فعله ومن النظام الجاري، فلا يقع موردا للسؤال، انتهى.
أقول: يجب أن تعلم الفرق بين طلب اللمية لفعله بمعنى السؤال عن سبب به يصير الفاعل فاعلا، وقد عبر عنه الإمام الراحل (رحمه الله) بالفعل المطلق، وبين طلبها بمعنى سبب فعله وما به يصير هذا الفعل متعينا في الصدور وموجودا على الخصوص دون غيره في هذه المرتبة.
فالسؤال على الوجه الأول باطل في حقه - جل اسمه - لأن فاعليته تعالى بذاته والذاتي لا يعلل، والداعي له في إيجاد العالم - وهو علمه بالنظام الأتم - عين ذاته، فذاته المتعالية كما أنها فاعلة فهي علة غائية وغاية لسلسلة الموجودات.
وأما السؤال وطلب اللمية على الوجه الثاني فليس المراد بنفي التعليل في الآية هذا المعنى - كما زعم الأشعري ومن يتبعه - بل المراد بنفي التعليل فيها هو نفي " لم " عن فعله المطلق لا عن فعله مطلقا، بل السؤال عن أفعاله تعالى على الوجه الثاني مرغوب بحسب الغايات القريبة والمتوسطة، ككون الطواحن من الأسنان عريضة لغاية هي جودة المضغ، وهي أيضا لغاية هي جودة الهضم الأول، وهي لجودة الهضم الثاني، وهلم إلى غاية هي تغذية بدن الإنسان على وجه موافق لمزاجه، وهي لغاية هي حصول المزاج الكامل، وهو لغاية هي فيضان الكمال النفسي، وغايته حصول العقل بالملكة ثم بالفعل ثم العقل الفعال، وغايته البارئ المتعالي، إلى غير ذلك مما تعرض له الحكماء الشامخون في كتبهم، لا سيما صدر المتألهين (رحمه الله) في " الأسفار ".
(٩٠)
مفاتيح البحث: الجهل (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 3
2 المقدمة 9
3 في وصف المتكلم 14
4 فساد قول المعتزلة 17
5 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 21
6 تنبيه عرشي 23
7 فساد قول الأشاعرة 25
8 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 27
9 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 41
10 إيقاظ 44
11 الفصل الأول: في عنوان المسألة 47
12 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 53
13 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 65
14 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 70
15 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 78
16 تمثيل 82
17 تمثيل أقرب 82
18 تأييدات نقلية 83
19 الآيات 83
20 الروايات 86
21 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 96
22 حول إرادية الإرادة 96
23 تحقيق يندفع به الإشكال 101
24 تنبيه 106
25 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 107
26 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 117
27 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 124
28 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 129
29 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 132
30 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 132
31 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 134
32 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 142
33 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 159
34 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 162