قائم بالتعقل، فلولا ذلك المعنى لم يكن ملك ولا مالك ولا مملوك، وهكذا سائر الأمور الاعتبارية من الزوجية والرئاسة وعناوين المعاملات وغيرها التي يعيش الإنسان بذلك النظام الاعتباري بحسب الظاهر.
فكما أن للنبات نظاما طبيعيا في الوصول إلى كماله من العوارض الطارئة عليه والأفاعيل المخصوصة بما يستحفظ بنية وجوده بالتغذي والتنمية وتوليد المثل، فكذلك الإنسان - مثلا - له نظام طبيعي من العوارض الطارئة والأفعال، بها يستحفظ أصل وجوده مثل حفظ بنية النبات، إلا هذا النظام يبقى ويستمر بمعان وهمية وأمور اعتبارية بينها نظام اعتباري.
وهذه الاعتبارات لا تزال تتكثر طبق كثرة مسيس الحاجات، ولا يزال الإنسان يسبح فيها كالحوت في الماء، فكما أن الحيتان لو وقعت خارج الماء قضي على حياتها، فكذلك الحياة المدنية الإنسانية التي هي سابحة في لجة الاعتباريات لو ألقيت خارجها لبطلت البتة. فهذه حال الإنسان في نشأة المادة من التعلق التام بمعان وهمية سرابية يسبح فيها حتى يبلغ الكتاب أجله.
ثم إن لازم ما ذكرنا هو أن قوام هذا النظام هو ظرف الاجتماع والحياة المدنية، فحيث لا اجتماع ولا حياة مدنية لا اعتبار لمثل هذه المعاني الوهمية، فما قبل النشأة المدنية وما بعد النشأة الدنياوية من منازل ما بعد الموت حيث لا اجتماع مدنيا لا وجود لمثل هذه الاعتبارات والمعاني الوهمية فيها، إلا أن الدين الحنيف يجعل الدرجات والدركات الأخروية مترتبة على ذلك النظام المتقوم بالمعاني الوهمية والاعتبارات.
ومن المعلوم: أن وجود الرابط بين الأمرين يوجب اتحادهما في نوع الوجود كما هو مبرهن في محله، وحيث إن تلك الأمور اعتبارية والأمور الأخروية المشار إليها حقيقية خارجية فالارتباط لا بد وأن يكون بين تلك الحقائق وبين الحقائق التي تحت تلك الاعتبارات والوهميات.