حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ١٦٤
وإرسال، إذ شهود المقيد لا ينفك عن شهود المطلق، ويشاهد أن كل مقيد فهو قائم الذات بالمطلق، ويتبع ذلك لزوم الخضوع وعناء وجهه إلى المطلق القيوم، وبطبعه يمس الحاجة إلى التشريع والتكليف.
وهذه المعاني الثلاثة - شهود المطلق، قيام كل مقيد بالمطلق، مسيس الحاجة إلى التشريع - هي التوحيد والولاية المطلقة والنبوة المطلقة، وهذان الأخيران قد اندمجا في التوحيد في الخبر المروي عن الباقر (عليه السلام).
وهذا في أركان الدين.
ثم بالإمعان ترى: أن حكم الفطرة هذا جار في أبعاد الدين كلها من الملكات والأفعال، مثلا في البعد الأخلاقي الذي فيه قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " ترى نتيجة عجيبة من استعمال الفطرة، فإن المؤمن المستمسك بالفطرة لا يرى غير الحق المتعالي، فلا يبقى عنده موضوع للأخلاق الرذيلة من الجبن والعجب والرياء وغيرها، فهو متخلق بالله ولله على خلاف ما في ظاهر الشرائع وما يقول به الحكيم الأخلاقي من الثواب والعقاب أو محمدة الناس ومذمتهم، ومع ذلك فقد استعملت الشريعة المقدسة تلك الغايات أيضا.
وأما في جانب الأعمال: فقد أحصى جميع ما يتعلق بحياة الإنسان وسعادته من الشؤون والأعمال، ثم نوعها إلى الطيبات والخبائث، فقال: * (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون) *.
فإحلال الطيبات وتحريم الخبائث من الفطريات المتفق عليها العقلاء،
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 3
2 المقدمة 9
3 في وصف المتكلم 14
4 فساد قول المعتزلة 17
5 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 21
6 تنبيه عرشي 23
7 فساد قول الأشاعرة 25
8 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 27
9 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 41
10 إيقاظ 44
11 الفصل الأول: في عنوان المسألة 47
12 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 53
13 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 65
14 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 70
15 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 78
16 تمثيل 82
17 تمثيل أقرب 82
18 تأييدات نقلية 83
19 الآيات 83
20 الروايات 86
21 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 96
22 حول إرادية الإرادة 96
23 تحقيق يندفع به الإشكال 101
24 تنبيه 106
25 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 107
26 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 117
27 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 124
28 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 129
29 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 132
30 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 132
31 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 134
32 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 142
33 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 159
34 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 162