والآباد، وأما الواجب تعالى فكما يعلم الماضي والحال، كذلك يعلم الحوادث المستقبلة بأسبابها وعللها، فلا يعزب عن علمه شئ في الأرض ولا في السماء.
فللممكن الاستقبالي وجهان:
أحدهما: وجه الفعلية والوجوب بالقياس إلى الواجب المتعالي - كوجهي الماضي والحال - فتلك الوجوه الثلاثة عنده تعالى وجه واحد " ماضي وحال ومستقبل آنجا يكى است ".
فالإنسان الشقي بالفعل المختوم له بالشقاوة هو الشقي في بطن أمه معلوم عنده تعالى أنه المختوم بالشقاوة، فلا يتغير علمه تعالى بشقائه، فهذا هو وجه الفعلية والضرورة المرمي في الحديث المذكور.
ثانيهما: الوجه الإمكاني الاستقبالي لا يتعين إلا بعد التحقق، ولا يخرج عن حاق الوسط إلى أحد الطرفين، إما بوجدان عوامل الإيجاد فيتلبس بكسوة الضرورة، أو بعدم أسباب الوجود فيلقي في سجن الامتناع وضرورة العدم.
فالوجه الاستقبالي عرصة الاختيار والانتخاب والهداية إلى النجدين، وفي هذا الوجه كل ميسر لما خلق له - ثم السبيل يسره -.
وعن عمر بن الخطاب قال: لما نزلت: * (فمنهم شقي وسعيد) * قلت: يا رسول الله فعلى م نعمل؟ على شئ قد فرغ منه، أو على شئ لم يفرغ منه؟
قال: " بل على شئ قد فرغ منه وجرت به الأقلام يا عمر، ولكن كل ميسر لما خلق له ".