حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ١٦٥
ثم إن الله تعالى لم يترك الإنسان بفطرته، لعلمه تعالى بأنه سيحجب عن الفطرة المخمورة بابتلائه بالقوى الحيوانية الشهوية والغضبية والوهمية الشيطانية، وهذه القوى معه منذ فطره، لاحتياجه إليها في عيشه وبقاءه نوعا وشخصا وفي رقاه وسيره وسلوكه إلى الله تعالى، لكن الحنين الجبلي إليها حجبه عن فطرته ومنعه عن سيره، فبعث الله تعالى رسلا مبشرين ومنذرين يكون أحكامهم على طبق مقتضى الفطرة الأصلية ابتداء أو مع الواسطة، كالدعوة إلى الله ومعارفه وأسماءه وصفاته وإلى فضائل النفس وكمالاتها، وكالصلاة التي هي معراج المؤمن إليه تعالى والحج الذي هو الوفود إليه وأشباهها. أو مقتضى الفطرة التابعة كالزجر عن الكفر والشرك وعبادة الأوثان والتوجه إلى غيره وعن الأخلاق الذميمة والأفعال القبيحة مما تمنع النفس عن الوصول إلى الله والأمر بالتقوى والصوم الذي هو تقوى النفس ويكون له تعالى وهو جزاؤه [44].
وكذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ووضع الإصر والأغلال. وقد اختص الإسلام باكتمال هذه الأمور، وإن كانت توجد في غيره بعض المراتب الضعيفة منها، فإنه تعالى وصف النبي الأكرم بتلك الأوصاف، وذلك يدل على أنها من حيث المجموع، والاكتمال من مختصاته صلوات الله عليه.
فنظام التوحيد الفطري قد سلك في تلك الكثرة وضمها وجمعها، حافظا لها في هذا السلك. والحمد لله على إكمال الدين وإتمام النعمة.
[44] قوله (رحمه الله): " ويكون له تعالى وهو جزاؤه " إشارة إلى الحديث القدسي الشريف الذي رواه الفريقان عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: " قال الله - عز وجل - الصوم لي وأنا أجزي به " على لفظ " الكافي " و " الفقيه ".
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 3
2 المقدمة 9
3 في وصف المتكلم 14
4 فساد قول المعتزلة 17
5 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 21
6 تنبيه عرشي 23
7 فساد قول الأشاعرة 25
8 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 27
9 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 41
10 إيقاظ 44
11 الفصل الأول: في عنوان المسألة 47
12 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 53
13 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 65
14 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 70
15 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 78
16 تمثيل 82
17 تمثيل أقرب 82
18 تأييدات نقلية 83
19 الآيات 83
20 الروايات 86
21 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 96
22 حول إرادية الإرادة 96
23 تحقيق يندفع به الإشكال 101
24 تنبيه 106
25 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 107
26 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 117
27 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 124
28 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 129
29 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 132
30 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 132
31 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 134
32 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 142
33 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 159
34 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 162