طريقها الصفات وخصال الأم إلى اللوح المنصوب عليها، كي يكون نسخة لاستنساخ الملكين واللوح بقرعه عليها يجلب توجههما، فيستنسخان جميع ما في اللوح مع اشتراط البداء المشير إلى أن هذه كلها على سبيل الاقتضاء دون العلية التامة، كما سيجئ التصريح به في كلام الإمام الأستاذ (قدس سره).
فالحاصل: أن للأصلاب والأرحام - سعيدة كانتا أم شقية - دخالة اقتضائية في سعادة الأولاد وشقاوتهم.
وللمحدث العارف الفيض الكاشاني (رحمه الله) بيان في المقام لا بد من نقله:
قال (قدس سره): " قرع اللوح جبهة أمه " كأنه كناية عن ظهور أحوال أمه وصفاتها وأخلاقها من ناصيتها وصورتها التي خلقت عليها، كأنها جميعا مكتوبة عليها، وإنما تستنبط الأحوال التي ينبغي أن يكون الولد عليها من ناصية أمه، ويكتب ذلك على وفق ما ثمة للمناسبة التي تكون بينه وبينها، وذلك لأن جوهر الروح إنما يفيض على البدن بحسب استعداده وقبوله إياه.
واستعداد البدن تابع لأحوال نفسي الأبوين وصفاتهما وأخلاقهما، ولا سيما الأم المربية له على وفق ما جاء به من ظهر أبيه. فناصيتها حينئذ مشتملة على أحواله الأبوية والأمية، أعني ما يناسبهما جميعا بحسب مقتضى ذاته.
و " جعل الكتاب المختوم بين عينيه " كناية عن ظهور صفاته وأخلاقه من ناصيته وصورته التي خلق عليها، وأنه عالم بها وقتئذ بعلم بارئها بها لفنائه بعد وفناء صفاته في ربه، لعدم دخوله بعد في عالم الأسباب والصفات المستعارة والاختيار المجازي، ولكنه لا يشعر بعلمه فإن الشعور بالشئ أمر والشعور بالشعور أمر آخر (الوافي، كتاب النكاح، ص 194).