يا ابن حيان ومات محمد رسول الرحمن.
ومات أبو بكر خليفة المسلمين.
يا ابن حيان ومات أخي وصفيي وصديقي عمر بن الخطاب.
ثم قال: واعمراه، رحم الله عمر وعمر يومئذ حي!! وذلك في آخر خلافته.
قال فقلت له: رحمك الله إن عمر بن الخطاب بعد حي!
قال: بلى إن تفهم فقد علمت ما قلت! وأنا وأنت في الموتى. وكان قد كان ثم صلى على النبي (صلى الله عليه وآله) ودعا بدعوات خفاف ثم قال:
هذه وصيتي إليك يا هرم بن حيان: كتاب الله واللقاء بالصالحين من المسلمين والصلاة والسلام على النبي (صلى الله عليه وآله)، ولقد نعيت على نفسي ونعيتك، فعليك بذكر الموت، فلا يفارقن عليك طرفة، وأنذر قومك إذا رجعت إليهم، وانصح أهل ملتك جميعا واكدح لنفسك، وإياك أن تفارق الجماعة فتفارق دينك وأنت لا تعلم، فتدخل النار يوم القيامة!
قال ثم قال: اللهم إن هذا يزعم أنه يحبني فيك وزارني من أجلك، اللهم عرفني وجهه في الجنة، وأدخله علي زائرا في دارك دار السلام، واحفظه ما دام في الدنيا حيث ما كان، وضم عليه ضيعته ورضه من الدنيا باليسير، وما أعطيته من الدنيا فيسره له، واجعله لما تعطيه من نعمتك من الشاكرين، واجزه خير الجزاء.
استودعتك الله يا هرم بن حيان، والسلام عليك ورحمة الله.
ثم قال لي: لا أراك بعد اليوم رحمك الله فإني أكره الشهرة والوحدة أحب إلي لأني شديد الغم كثير الهم ما دمت مع هؤلاء الناس حيا في الدنيا، ولا تسأل عني ولا تطلبني. واعلم أنك مني على بال ولم أرك ولم ترني!! فاذكرني وادع لي فإني سأذكرك وأدعو لك إن شاء الله تعالى.
انطلق ها هنا حتى آخذ هاهنا.
قال فحرصت على أن أسير معه ساعة فأبى علي، ففارقته يبكي وأبكي!