فقد اعترفوا بأن تدبير الأمر كله لله، وأن بيده ملكوت كل شئ، وأنه يجير ولا يجار عليه، وقد مر معك قولهم الذي سمعه النبي صلى الله عليه وسلم وود لو اقتصروا على جزء منه، وهو قولهم في التلبية (لبيك اللهم لبيك..... إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك).
وحين أتكلم عن شرك عباد الأصنام الذين نزل فيهم القرآن أفاجأ بمن يتحدث عن قوم إبراهيم وقوم هود (عليهما السلام)!!!
ومع هذا أقول: غاية ما عند هؤلاء المشركين أنهم اعتقدوا أن الله تعالى فوض إليهم تدبير بعض الأمور، وأعطاهم شيئا من التصرف. أليس هذا عين ما يقوله عباد القبور اليوم، حين ينسبون لأوليائهم نفعا وضرا، بل حين يخوفوننا بطشهم وهم تحت الثرى؟!!
فإذا قلنا عن هؤلاء حين يخوفوننا بالولي الفلاني: إنهم يعتقدون فيه نفعا وضرا هب المدافعون عنهم المتشدقون هنا فقالوا: إنه تفويض من الله وإقدار من الله وليس استقلالا.
فثبت أن هذه الصورة موجودة تتكرر من أناس يؤمنون بأن الله هو الخالق والرازق والمدبر. وقد حكى القرآن عن عبدة الأصنام (ويخوفونك بالذين من دونه) وهو من جنس الكلام السابق، مع يقينهم واعترافهم بأن كل حول وطول لآلهتهم مملوك لله ( تملكه وما ملك). انتهى كلامه.
ويرد عليه:
أولا، أنه خلط بين أصناف متعددين من المشركين ذكرهم الله تعالى في القرآن، وحمل كلام بعضهم لبعضهم الآخر!!
وثانيا، لو صح كلامه وكان أولئك المشركين يجعلون التأثير الذاتي كله لله تعالى ويعتقدون بأن تأثير شركائهم المزعومين تأثير مجعول من الله تعالى وإقدار منه على النفع والضر بإذنه.. فإن عبادتهم لهم تبقى إشراكا لهم في عطاء الله تعالى وفعله بدون دليل من الله ولا سلطان!