وهنا ينهار ما تبقى من الدعوى بحول الله وقوته، وذلك من خلال عرض الحقائق التالية:
1 - المشركون لم يعتقدوا النفع والضر في أصنامهم.
2 - الأصنام لا تمثل في حس المشركين إلا صورا للأنبياء والصالحين أو الملائكة.
3 - المشركون لم يعبدوا الأصنام إلا لينالوا شفاعة أصحابها من العلماء والزهاد.
ولتقربهم إلى الله زلفى.
4 - في حال الشدة يتخلى المشركون عن وسائطهم ويفردون الله بالدعاء.
ولا تعجب أخي القارئ إذا وجدتني أتكئ كثيرا على ما كتبه الرازي والشهرستاني معرضا عما كتبه ابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب.
والغرض أن يعلم الجميع أن هذه الحقائق يقررها العلماء مهما اختلفت مشاربهم وتنوعت مدارسهم وتباعدت أعصارهم، وأنه ليس في كلام ابن تيمية وتلاميذه في هذه المسألة ما هو جديد أو محدث، إلا عند من لا يقرأ وإذا قرأ لم يفهم (ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا).
قال الفخر الرازي في تفسيره (26 283) عند قوله تعالى: الله يتوفى الأنفس، ويحتمل أن يكون المراد بهذا: أن الدليل يدل على أن الواجب على العاقل أن يعبد إلها موصوفا بهذه القدرة وبهذه الحكمة، ولا يعبد الأوثان التي هي جمادات لا شعور لها ولا إدراك.
واعلم أن الكفار أوردوا على هذا الكلام سؤالا فقالوا: نحن لا نعبد هذه الأصنام لاعتقاد أنها آلهة تضر وتنفع، وإنما نعبدها لأجل أنها تماثيل لأشخاص كانوا عند الله مقربين، فنحن نعبدها لأجل أن يصير أولئك الأكابر شفعاء لنا عند الله.
فأجاب الله تعالى بأن قال (أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون)...