خامسا: إن ضمير العاقل في (أيهم أقرب) ينقض تفسيرهم، فقد جعلوا أيهم بدل جزء من كل من الفاعل، ليبعدوه عن المتوسل بهم ويجعلوه صفة للمتوسلين، فصار المعنى عندهم: يبتغي الوسيلة منهم من كان أقرب وسيلة إلى ربه، فكيف بالأبعد وسيلة!!
وذلك كمن يقول (أولئك يقاتلون عدوهم حقا أيهم أشجع من غيره!) ويقصد القائل أن الأشجع منهم يقاتل، فكيف بالأضعف!! وهو كلام بعيد عن البلاغة بل عن الفصاحة حتى في كلام المخلوقين، فلا يصح أن ينسبوه إلى كلام الخالق سبحانه؟!!
ولعل هذا هو السبب في أن بعض مفسريهم كالفخر الرازي هرب من من تفسير ( أيهم أقرب) ومر عنها كأنها لا وجود لها!!
سادسا: أن ضمير (أيهم) يعود على (أولئك) وما داموا أرجعوا ضمير أولئك على المعبودين المزعومين، فيجب أن يرجعوا ضمير أيهم إليهم!
فيكون المعنى عندهم: أن المتوسل بهم الممدوحين هم من بين المعبودين المزعومين، فيكون التوسل بالأشخاص ممدوحا، ويكون منحصرا بالأنبياء المعبودين كعيسى وعزير! وهذا خلاف مذهبهم!!
سابعا: أن فعل (يبتغون) ينقض تفسيرهم، لأنه يدل على البحث والتحري، ويطلب مفعولا! و (أيهم أقرب) أقرب مفعول إليه، فحق أي أن تكون منصوبة على المفعولية، لا مرفوعة بدلا عن الفاعل بدل جزء من كل كما زعموا!
ولكنهم أغمضوا عيونهم عن يبتغي وتركوه بلا مفعول، ليحصروا التوسل بالأعمال دون الذوات!!
وهكذا.. يتضح لك أن التفسير الذي قدمناه هو الوحيد الخالي عن الإشكال..
وهو نص في مشروعية التوسل بالأشخاص الأقرب وسيلة إلى الله، وأنه من صفات المؤمنين عبر التاريخ وسيرتهم. وهذا إقرار شرعي له في الإسلام.