وبذلك تتم المقابلة وتكون (أولئك) استئنافا جديدا تاما، والضمير فيها للشأن، ولا ربط له بالآية السابقة حتى يعود على شئ منها، كما تمحلوا!
أما تفسيرهم فقد جعل التقابل بين المشركين وبين بعض من يعبدونهم من الأنبياء .. وهو تقابل ضعيف بعيد لو سلم من الإشكالات فلا يتبادر إلى الذهن.
وقول الجبائي إن المقصود ب (أولئك) هم الأنبياء المذكورون في الآية السابقة، أقرب من أقوالهم إلى الصحة، ولكن لفظ (أولئك) مطلق شامل لكل العابدين لله، ولا دليل على حصره بالأنبياء (عليهم السلام)، وإن كانوا سادتهم.
ثانيا: إرجاعهم ضمير (أولئك) إلى المعبودين المزعومين من دون الله خلاف الظاهر، لأن ضمير هؤلاء المزعومين خفي، والضمير البارز فيها ضمير العابدين المخاطبين، فلو كان يريد المزعومين لقال (أولئك الذين تدعونهم أو تزعمونهم) أو ذكر إشارة تدل على قصدهم، وعدم قصد العابدين المخاطبين!
ثالثا: أن المعبودين المزعومين فيهم الصالح والطالح والجماد، ففيهم الأنبياء مثل عزير وعيسى، وفيهم الملائكة والجن، والشمس والقمر والنجوم والأصنام، وبقية المعبودات.. وصفات المدح ل (أولئك) تمنع رجوع الضمير إلى المعبودين جميعا!
وكيف يصح عود الضمير على بعض العام المعهود بدون قرينة؟!
ولعمري إن هذا الضعف في ارجاع الضمائر لا وجود له في القرآن؟!! ولا في كلام فصحاء العرب وهو كاف لتضعيف ما روي عن ابن مسعود وغيره!
رابعا: ما رووه عن ابن مسعود وغيره من أن قوما من العرب كانوا يعبدون الجن فآمن الجن وبقي عبادهم مشركين.. الخ.. فنزلت الآية..
هذه الوجوه ليست حديثا بل هي أقوال لو تم سندها لبقي تعارضها!
ولو سلمنا ارتفاع تعارضها، فهي سبب لنزول الآية لا أكثر، والسبب الخاص لا يخصص الوارد العام، وصيغة الآية عامة (قل ادعوا الذين زعمتم من دونه..) وهو يشمل كل الذين زعموا فلا مبرر لتخصيصها ببعضهم!