ومرشد يرشدنا إلى العلم به، وذلك لأنه طلب الوسيلة إليه مطلقا، والإيمان به من أعظم المطالب وأشرف المقاصد، فلا بد فيه من الوسيلة.
وجوابنا: أنه تعالى أمر بابتغاء الوسيلة إليه بعد الإيمان به، والإيمان به عبارة عن المعرفة به، فكان هذا أمرا بابتغاء الوسيلة إليه بعد الإيمان به ومعرفته، فيمتنع أن يكون هذا أمرا بطلب الوسيلة إليه في معرفته! فكان المراد طلب الوسيلة إليه في تحصيل مرضاته، وذلك بالعبادات والطاعات. انتهى كلام الرازي.
وغرضه أن يقول إن الآية تخاطب المؤمنين بعد إيمانهم بأن يتوسلوا بالطاعات، ولا تطلب من الناس أن يتوسلوا بشخص إلى الإيمان.
ولكنه نسي قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله) النساء - 136 فقد طلب الله من المؤمنين أن يؤمنوا بالله ورسوله! ونسي قوله تعالى (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا) الحجرات - 14 فلا مانع أن يخاطب تعالى المؤمنين بعد إيمانهم أن يبتغوا إليه الوسيلة عن طريق رسوله؟!
بل حتى لو سلمنا أن الآية ناظرة إلى مرحلة ما بعد إيمانهم، فأي مانع في أن يطلب الله تعالى منهم أن يرتقوا بإيمانهم إلى درجة أعلى فيجعلوا الرسول قدوتهم ووسيلتهم إلى ربهم؟!!
ولكن غرض الرازي أن يحصر الوسيلة المأمور بها بالأعمال، ويبعدها عن شخص النبي وآله (صلى الله عليه وآله) ! كما أن غرض التعليمية الذين ذكرهم الرازي أن يبعدوها عن الرسول وآله صلوات الله عليهم، ويثبتوا بها حاجة المسلم في الإيمان والتدين إلى شيخ طريقة يكون هو وسيلته إلى ربه!!
أما المفسرون الشيعة فقد تأثر بعضهم بالجو العام للتفسير السني، ففسروا الوسيلة مثلهم بالقربة بلا تعيين، بينما فسرها بعضهم بما ورد عن أهل البيت (عليهم السلام)، من أن الوسيلة هو النبي أو وصيه من بعده..