مع أنه لا يعقل أن يكون الأمر الإلهي نزل إلى الأمة بأن يبتغوا إلى ربهم الوسيلة، ولم يبينها لهم الرسول الذي أرسله الله ليبين للناس؟!
أما تفسيرهم لها بالقربة فهو تفسير الماء بالماء! لأن القربة كلمة مجملة تحتاج إلى تفسير كالوسيلة!!
فهل تختص بالأعمال الصالحة، أم تشمل ابتغاء التوسل بالأنبياء والأوصياء والأولياء.. الخ.
قال السيوطي في الدر المنثور: 2 / 280 أخرج عبد بن حميد والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم في قوله:
وابتغوا إليه الوسيلة، قال: القربة.
وأخرج الحاكم وصححه عن حذيفة في قوله وابتغوا إليه الوسيلة قال: القربة.
وأخرج عبد ابن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله: وابتغوا إليه الوسيلة قال تقربوا إلى الله بطاعته والعمل بما يرضيه.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي وائل قال: الوسيلة في الإيمان.
وأخرج الطستي وابن الأنباري في الوقف والابتداء عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل: وابتغوا إليه الوسيلة، قال: الحاجة.
قال وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت عنترة وهو يقول:
إن الرجال لهم إليك وسيلة * أن يأخذوك تكحلي وتخضبي. انتهى.
وتفسير ابن عباس للوسيلة بالحاجة إن صح عنه فلا يصح، لأن مقصود عنترة أن يقول لتلك المرأة: إن الرجال سيجدون وسيلة لأخذك ولو بالخطيفة فاستعدي!
على أنه لا يبعد أن يكون معنى الحاجة في زمن ابن عباس هو المعنى الذي يستعمله أهل مصر اليوم، وهو عام يشمل الوسيلة.