فاشتم رائحة الحنوط، فقال لي: والله يا سليمان لتصدقني أو لأصلبنك!
قال قلت: حاجتك يا أمير المؤمنين.
قال: ما لي أراك محنطا؟
قال قلت: أتاني رسولك أن أجب، فبقيت متفكرا فيما بيني وبين نفسي، فقلت:
عسى أن يكون بعث إلي أبو جعفر في هذه الساعة يسألني عن فضائل علي، فلعلي إن صدقته صلبني!!
قال فاستوى جالسا وقال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فقال: يا سليمان أسألك بالله كم من حديث ترويه في فضائل علي؟
قلت: ألفي حديث أو يزيد.
قال لي: والله لأحدثنك حديثين ينسيان كل حديث ترويه في فضل علي!
قال: قلت حدثني.
قال: نعم، أيام كنت هاربا من بني مروان أدور البلاد وأتقرب إلى الناس بحب علي وفضله وكانوا يطعموني، حتى وردت بلاد الشام وأنا في كساء خلق ما علي غيره، قال: فنودي للصلاة وسمعت الإقامة، فدخلت المسجد وفي نفسي أن أكلم الناس ليطعموني، فلما سلم الإمام إذا رجل عن يميني معه صبيان فقلت: من الصبيان من الشيخ؟
قال: أنا جدهما وليس في هذه المدينة رجل يحب عليا غيري، ولذلك سميت أحدهما حسنا والآخر حسينا، قال: فقمت إليه فقال: يا شيخ ما تشاء؟
قال قلت: هل لك في حديث أقر به عينك؟
قال: إن أقررت عيني أقررت عينك.
قال قلت: حدثني أبي عن جدي قال: كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم قعدوا إذ أقبلت فاطمة وهي تبكي بكاء شديدا فقال لها النبي (صلى الله عليه وآله): ما يبكيك؟
قالت: يا أبتاه خرج الحسن والحسين ولا أدري أين أقاما البارحة؟