- مجموعة الرسائل للشيخ الصافي 243 للشيخ المفيد في بحث الاعتقاد بالفطرة رأي آخر غير ما ذهب إليه الشيخ الصدوق، ولتوضيح ذلك نقول: توجد في باب الاعتقاد بالفطرة وآيات الفطرة وأحاديثها كالحديث (فطرهم على التوحيد) أو (كل مولود يولد على الفطرة) ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أن المراد من ذلك هو أن الله جعل فطرة الإنسان نقية مقتضية للتوحيد والعقائد الحقة، وحب الحق والخير والتصديق بحسن العدل وقبح الظلم والنفور عن الباطل والشر، بحيث لو لم يحجب هذه الفطرة الأمور المخالفة من قبيل التربية فالانسان بنفسه سيهتدي إلى الله ويقر بوجود الصانع، كما يتقبل العقائد الحقة عندما تعرض عليه.
والصدوق فسر الفطرة بهذا المعنى وقد بحثنا بتفصيل في (رسالتنا) في تفسير آية الفطرة حول هذا الوجه وكونه موافقا لأصول العقائد الإسلامية في الفطرة والأحاديث الشريفة التي تدل على هذا المعنى.
الوجه الثاني: أن معنى (فطر الله الخلق على التوحيد) فطرهم للتوحيد، أي خلق الناس للاعتقاد بالتوحيد، وإلى هذا المعنى ذهب الشيخ الأعظم الشيخ المفيد، واختاره.
الوجه الثالث: هو أنه عبر عن إرادة التوحيد منهم بالإرادة التكوينية، والظاهر أن المفيد استظهر من كلام الصدوق هذا الوجه، فأجاب عن ذلك بقوله: لو كان الأمر كذلك لكان الجميع موحدين.
وبديهي أنه لو كان الأمر دائرا بين الوجه الثاني والثالث، فالقول الصحيح والمعتبر هو قول المفيد (الوجه الثاني). لكن بما أننا قلنا بأن الوجه المعتبر المستفاد من الآية والروايات هو القول الأول، وهو ما اختاره الصدوق ظاهرا، وفيه رجحان على القول الثاني ظاهرا.