ارتباط إرادي غير مادي متعلق بشعور المرتاض وإرادته المحفوظين بنوع العمل الذي يأتي به، دائر بين نفس المرتاض وبين النتيجة الموعودة.
فحقيقة الرياضة المذكورة هي تأييد النفس وتكميلها في شعورها وإرادتها للنتيجة المطلوبة. وإن شئت قلت: أثر الرياضة أن تحصل للنفس حالة العلم بأن المطلوب مقدور لها، فإذا صحت الرياضة وتمت صارت بحيث لو أرادت المطلوب مطلقا أو أرادته على شرائط خاصة، كإحضار الروح للصبي غير المراهق في المرآة، حصل المطلوب.
وإلى هذا الباب يرجع معنى ما روي: أنه ذكر عند النبي (صلى الله عليه وآله) أن بعض أصحاب عيسى (عليه السلام) كان يمشي على الماء فقال (صلى الله عليه وآله): لو كان يقينه أشد من ذلك لمشى على الهواء، فالحديث كما ترى يومئ إلى أن الأمر يدور مدار اليقين بالله سبحانه وإمحاء الأسباب الكونية عن الاستقلال في التأثير.
فإلى أي مبلغ بلغ ركون الإنسان إلى القدرة المطلقة الإلهية انقادت له الأشياء على قدره، فافهم ذلك.
ومن أجمع القول في هذا الشأن قول الصادق (عليه السلام): ما ضعف بدن عما قويت عليه النية. وقال (صلى الله عليه وآله) في الحديث المتواتر: إنما الأعمال بالنيات.
فقد تبين أن الآثار الدينية للأعمال والعبادات وكذلك آثار الرياضات والمجاهدات إنما تستقر الرابطة بينها وبين النفس الإنسانية بشؤونها الباطنية، فالاشتغال بشئ منها اشتغال بأمر النفس....
إياك أن يشتبه عليك الأمر فتستنتج من الأبحاث السابقة أن الدين هو العرفان والتصوف، أعني معرفة النفس كما توهمه بعض الباحثين من الماديين، فقسم المسلك الحيوي الدائر بين الناس إلى قسمين المادية والعرفان وهو الدين. وذلك أن الذي يعقد عليه الدين أن للإنسان سعادة حقيقية ليس ينالها إلا بالخضوع لما فوق الطبيعة، ورفض الاقتصار على التمتعات المادية.