بالدعوات وإقامة الصلوات، وبذل الزكوات، والصيام عن المطعومات والمشروبات، وتقريب القرابين والذبائح، وتبخير البخورات وتعزيم العزائم، فيحصل لنفوسنا استعداد واستمداد من غير واسطة. انتهى.
وهؤلاء وإن اختلفوا فيما بين أنفسهم بعض الاختلاف في العقائد العامة الراجعة إلى الخلق والإيجاد لكنهم متفقوا الرأي في وجوب ترويض النفس للحصول على كمال المعرفة وسعادة النشأة.
وأما المانوية من الثنوية، فاستقرار مذهبهم على كون النفس من عالم النور العلوي وهبوطها إلى هذه الشبكات المادية المظلمة المسماة بالأبدان، وأن سعادتها وكمالها التخلص من دار الظلمة إلى ساحة النور، إما اختيارا بالترويض النفساني، وإما اضطرارا بالموت الطبيعي المعروف.
وأما أهل الكتاب ونعني بهم اليهود والنصارى والمجوس، فكتبهم المقدسة وهي العهد العتيق والعهد الجديد وأوستا، مشحونة بالدعوة إلى إصلاح النفس وتهذيبها و مخالفة هواها. ولا تزال كتب العهدين تذكر الزهد في الدنيا والاشتغال بتطهير السر، ولا يزال يتربى بينهم جم غفير من الزهاد وتاركي الدنيا، جيلا بعد جيل وخاصة النصارى فإن من سننهم المتبعة الرهبانية. وقد ذكر أمر رهبانيتهم في القرآن الشريف قال تعالى: ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم ولولا يستكبرون. المائدة - 82 ، وقال تعالى: ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها، الحديد - 27. كما ذكر المتعبدون من اليهود في قوله: ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون، يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين. آل عمران - 114.
وأما الفرق المختلفة من أصحاب الارتياضات والأعمال النفسية كأصحاب السحر والسيمياء، وأصحاب الطلسمات وتسخير الأرواح والجن وروحانيات