فسار فيهم بالتقية والكتمان، فازدادوا كل يوم ضلالا حتى لم يبق على الأرض معهم إلا من هو سلف، ولحق الوصي بجزيرة في البحر يعبد الله، فبدا لله تبارك وتعالى أن يبعث الرسل، ولو سئل هؤلاء الجهال لقالوا: قد فرغ من الأمر وكذبوا إنما هي (هو) أمر يحكم به الله في كل عام، ثم قرأ: فيها يفرق كل أمر حكيم، فيحكم الله تبارك وتعالى ما يكون في تلك السنة من شدة أو رخاء أو مطر أو غير ذلك.
قلت: أفضلالا كانوا قبل النبيين أم على هدى؟
قال: لم يكونوا على هدى، كانوا على فطرة الله التي فطرهم عليها ولولا تبديل لخلق الله، ولم يكونوا ليهتدوا حتى يهديهم الله، أما تسمع يقول إبراهيم: لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين، أي ناسيا للميثاق. انتهى. ورواه في تفسير نور الثقلين ج 1 ص 736 - تفسير التبيان ج 2 ص 195 فإن قيل: كيف يكون الكل كفارا مع قوله: فهدى الله الذين آمنوا؟
قلنا: ولولا يمتنع أن يكونوا كلهم كانوا كفارا، فلما بعث الله إليهم الأنبياء مبشرين ومنذرين اختلفوا، فآمن قوم ولم يؤمن آخرون.
وروي عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: كانوا قبل نوح أمة واحدة على فطرة الله، لا مهتدين ولا ضلالا، فبعث الله النبيين....
- بحار الأنوار ج 65 ص 246:
- وقال النيسابوري: إعلم أن جمهور الحكماء زعموا أن الإنسان في مبدأ فطرته خال عن المعارف والعلوم، إلا أنه تعالى خلق السمع والبصر والفؤاد وسائر القوى المدركة حتى ارتسم في خياله بسبب كثرة ورود المحسوسات عليه حقائق تلك الماهيات وحضرت صورها في ذهنه. ثم إن مجرد حضور تلك الحقائق إن كان كافيا في جزم الذهن بثبوت بعضها لبعض أو انتفاء بعضها عن بعض فتلك الأحكام علوم