والوجود أية مرتبة منه ذاته وجبلته الوحدة والاتفاق، ما به الامتياز فيه عين ما به الاشتراك، به استمساك الماهيات التي هي مثار الكثرة والمخالفة، فهو جهة ارتباطها ونظمها وبه ولولا انفصام لها.
وبالجملة قد ظهر لك أن اختلاف الوجودات مرتبة في العين، واختلاف قبول الماهيات لمراتب الوجود المقول بالتشكيك فيه، على طبق اختلاف الماهيات بحسب المفهوم في العلم. وهذا معنى اختلاف الطينة في الأزل كما هو عن الأئمة (عليهم السلام) مأثور.... وهو مقتضى العدل.
ويمكن التوفيق بين هذا القول التحقيقي البرهاني والذوقي الوجداني، وبين القول بالتسوية في الطينة باعتبار الوجود والماهية، ولا سيما في مقام الجمع.
- شرح الأسماء الحسنى ج 1 ص 54:
- قال صدر المتألهين: إن الله عز وجل ولولا يولي أحدا إلا ما تولاه طبعا وإرادة، وهذا عدل منه ورحمة. وقد ورد أن الله تعالى خلق الخلق كلهم في ظلمة ثم قال: ليختر كل منكم لنفسه صورة أخلقه عليها، وهو قوله: خلقناكم ثم صورناكم، فمنهم من قال رب اخلقني خلقا قبيحا أبعد ما يكون في التناسب وأوغله في التنافر، حتى لا يكون مثلي في القبح والبعد عن الاعتدال أحد، ومنهم من قال خلاف ذلك، وكل منهما أحب لنفسه التفرد فإن حب الفردانية فطرة الله السارية في كل الأمم التي تقوم بها وجود كل شئ، فخلق الله كلا على ما اختاره لنفسه، فتحت كل منكر معروف وقبل كل لعنة رحمة وهي الرحمة التي وسعت كل شئ، فإن الله يولي كلا ما تولى، وهو قوله تعالى: ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا، فإن شك في ذلك شاك فليتأمل قوله تعالى: إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها.. الآية، ليعلم أن الله تعالى لا يحمل أحدا شيئا قهرا وقسرا، بل يعرضه أولا فإن تولاه ولاه وإلا فلا. وهذا من رحمة الله وعدله.