وعندما نريد التعرف على شخصيته عليه السلام وما تحتويه وما يحيط بها، تقف محركات عقولنا عن العمل، وكيف لا، والإمام الرضا عليه السلام يقول في وصفه:
(بأبي وأمي سمي جدي، شبيهي وشبيه موسى بن عمران، عليه جيوب النور تتوقد بشعاع ضياء القدس!). (العيون: 1 / 9، وقد تقدم في الموضوع رقم: 34).
إنها لأوصاف تحير العقل. وقد ورد في صفة المسيح عليه السلام أن عليه جلابيب النور، ففي مناظرة الإمام الرضا عليه السلام مع علماء النصارى: (ثم قال للجاثليق: يا نصراني كيف علمك بكتاب شعيا عليه السلام؟ قال: أعرفه حرفا حرفا. قال لهما: أتعرفان هذا من كلامه: يا قوم إني رأيت صورة راكب الحمار لابسا جلابيب النور، ورأيت راكب البعير ضوؤه مثل ضوء القمر؟
فقالا: قد قال ذلك شعيا عليه السلام. قال الرضا عليه السلام: يا نصراني هل تعرف في الإنجيل قول عيسى عليه السلام: إني ذاهب إلى ربكم وربي والبارقليطا جاء، هو الذي يشهد لي بالحق كما شهدت...). (عيون أخبار الرضا عليه السلام: 2 / 145) لكن وصف الإمام المهدي عليه السلام أبلغ من ذلك: (عليه جيوب النور تتوقد بشعاع ضياء القدس!)، ومع ذلك فلا نستطيع أن نعرف حقيقة جلابيب النور على نبي الله عيسى، وجيوب النور على الإمام المهدي صلى الله عليه وآله!
إن أحاديث أهل البيت عليه السلام جواهر مكنونة، لم نعرف إلى الآن كنوزها في معرفة الله تعالى، ومعرفة وسائط فيضه وعطائه عليهم السلام! ونيل هذه الكنوز أمر صعب، لا يحصل بالبحث والتعمق الفكري كما هو الحال في بقية العلوم، بل هو عطاء يختص به الله من يشاء من عباده.
إن معرفة ولي الله الأعظم عليه السلام تحتاج إلى أن يشمر خواص العلماء الأتقياء الذين اشتغلوا سنين طويلة في معالجة المسائل الفكرية، ويدرسوا تعابير المعصومين عليهم السلام الواردة في الأدعية والزيارات، ويستخرجوا من كنوزها!