ذلك المؤمن لم يكن يطيق أن يسمع أو يتذكر ظلامة الصديقة الكبرى الزهراء عليها السلام حتى يندفع في ذكر مثالب ظالميها. كان لا يستطيع أن يتصور كيف هاجموا بيت الزهراء عليها السلام وضربوها وكسروا ضلعها.
كان يفقد صبره كلما تصور أن الظلامة وصلت إلى أن الزهراء عليها السلام عاشت بقية عمرها بعد أبيها صلى الله عليه وآله تعاني من ذلك اليوم، حتى نحلت وصار جسمها كالخيال، هيكلا من جلد وعظام، وأوصت أن يواروها في قبرها ليلا حتى لا يشارك ظالموها في تشييعها! فكان ينطلق لسانه في مثالب قاتليها!
وصل خبره إلى الوالي، فأمر بالقبض عليه وتعذيبه، فضربوه حتى كسروا جميع أسنانه وقطعوا لسانه، فقال بعضهم لبعض كفى! فثقبوا أنفه وربطوا فيه خيطا، وطافوا به في الأسواق ليكون عبرة لغيره! ثم أخذوه إلى بيته جنازة وألقوه في داره، وانصرفوا!
وفي اليوم الثاني تفاجأ الجميع عندما رأوه يصلي سليما معافى لا أثر فيه لشئ مما حدث له! بل كان حيويا مشرق الوجه كأنه شاب رغم شيخوخته!
سألوه عما حدث له فقال: عندما رموا بي هنا عرفت أني في آخر ساعة من عمري، فقد شاهدت الموت بأم عيني! أردت أن أنادي مولاي الحجة بن الحسن عليه السلام فلم أستطع، فناديته بقلبي (يا صاحب الزمان) وإذا به جالس إلى جنبي، فنظر الي نظرة ووضع يده على جسمي وقال لي: إنهض واسع في تحصيل قوت عيالك! فنهضت كما تروني أحسن مما كنت!
ما الذي حدث، وكيف التأمت جراحه، وصار له لسان بدل لسانه، وعادت اليه أسنانه، والتأمت جروحه؟! وصار وجهه العادي المتجعد وجها جميلا مشرقا؟! أي إكسير هذا الذي صنع كل ذلك بمسحة واحدة، على مكان واحد من بدن ذلك المؤمن؟!