إذا تبين واقع الحال في القضيتين فهو مضطر إلى التسليم بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يوله شيئا.. فنقول:
أما قضية إبلاغ سورة براءة.
فيقول القوم إن رسول الله صلى الله عليه وآله بعث أبا بكر إلى مكة أميرا للحاج، وأمره أن يقرأ الآيات من سورة البراءة على المشركين في الموسم، فلما خرج أبو بكر بدا لرسول الله في أمر تبليغ الآيات، فبعث عليا لتبليغها، وبقيت أمارة الحج لأبي بكر، فيكون قد ولاه صلى الله عليه وآله شيئا من الأمور في حياته..
قالوا: وإنما أتبع النبي عليا أبو بكر ليأخذ منه الآيات فيبلغها، لآن الآيات كانت مشتملة على نبذ العهود التي كانت بينه صلى الله عليه وآله وسلم وبين المشركين، ومن عادة العرب في أخذ العهود ونبذها أن يتولاه الرجل بنفسه أو أحد من بني عمه.
فكلامهم يشتمل على أمور ثلاثة:
الأول: الاقرار بأن عليا عليه السلام هو الذي أبلغ الآيات بعد أن كان المأمور بتبليغها أبو بكر.
والثاني: دعوى أن أبا بكر دخل مكة وكانت إمارة الحاج في تلك السنة معه.
والثالث: السبب في تبليغ علي الآيات دون أبي بكر.
فنقول:
من الأفضل أن نذكر أولا نصوصا من الخبر عن عدة من الكتب المعتبرة عند القوم حتى تتضح حقيقة الحال، ويتبين أن أصحابنا لا يتكلمون إلا استنادا إلى أخبارهم:
1 - أخرج أحمد بإسناده عن أبي بكر: " إن النبي بعثه ببراءة لأهل مكة، لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، من كان بينه وبين رسول الله عهد فأجله إلى مدته والله برئ من المشركين