ثم إن التعارض فرع الحجية، ولا حجية لأخبارهم التي ينفردون بها على أصحابنا، بخلاف الأدلة التي يقيمها أصحابنا على أفضلية أمير المؤمنين عليه السلام، فإنها أحاديث متفق عليها بين الطرفين كما سنرى.. على أنه لم نجد في أدلتهم حديثا واحد يجوز الاستدلال به حتى على أصولهم..
ما استدل به لأفضلية أبي بكر قال (291):
(لنا: إجمالا: أن جمهور عظماء الملة وعلماء الأمة أطبقوا على ذلك، وحسن الظن بهم يقضي بأنهم لو لم يعرفوه بدلائل وأمارات لما أطبقوا عليه).
أقول:
وفيه: أولا: إنه لو سلم إطباق الجمهور، ففي القرآن الكريم ذم الأكثر في موارد كثيرة.
وثانيا: إن القائلين بالخلاف وإن كانوا أقل عددا لكنهم رجال عظماء قد وردت في حقهم الأحاديث المعتبرة المتفق عليها.. كما ستعرفهم.
وثالثا: إن مبني اعتبار قول الجمهور ليس إلا حسن الظن بهم كما ذكر، فإذا وجدناهم في كثير من الأمور على ضلالة وهم لا يعقلون زال حسن الظن..
ورابعا: لو سلم أن حسن الظن بهم يقضي بأنهم لو لم يعرفوه بدلائل وأمارات.. فإن الدلائل والأمارات المزعومة أو المتوهمة ليست إلا ما سيذكره هو تفصيلا، وإذا عرفنا سقوطها عن الدليلية وعن كونها أمارة لم يبق مجال للاعتماد على إطباقهم..
فلننظر في تلك الدلائل والأمارات:
قال (291):
(وتفصيلا: الكتاب والسنة والأثر والأمارات. أما الكتاب فقوله تعالى:
* (وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى) *..).