أقول:
لم يذكر من الكتاب دليلا على أفضلية أبي بكر إلا هذه الآية، ولو كان غيرها لذكر.. وتمامية الاستدلال هذا موقوف على صحة القول بنزولها في أبي بكر، وفيه:
أولا: إنه محل خلاف بين أهل السنة أنفسهم، فمنهم من حمل الآية على العموم، ومنهم من قال بنزولها في قصة أبي الدحداح وصاحب النخلة (1) ومن هنا نسب القول بذلك في (المواقف) إلى أكثر المفسرين. وثانيا: إن القول بنزول الآية في أبي بكر إنما هو منقول عن آل الزبير، وانحراف هؤلاء عن أمير المؤمنين عليه السلام معروف. وثالثا: إن سند الخبر عن ابن الزبير غير معتبر قال الحافظ الهيثمي: " وعن عبد الله بن الزبير قال: نزلت في أبي بكر الصديق * (وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى) * رواه الطبراني وفيه: مصعب بن ثابت. وفيه ضعف " (2).
وقوله: (وليس المراد به عليا..) قد تبع فيه شيخه العضد وهو - كما قلنا في جوابه - خلط في المعنى، فإن الضمير في " عنده " يرجع إلى المنعم، والمعنى: إن " الأتقى " موصوف بكونه ليس لأحد من المنعمين عليهم عند المنعم يد النعمة، يكون الإنعام منه من باب الجزاء. فعلي عليه السلام كان في تصدقه بخاتمة على السائل في حال الركوع كذلك، وكذلك في إطعام اليتيم والمسكين والأسير حيث نزلت سورة هل أتى، فلم تكن لهم عليه يد النعمة. وأين هذا من المعنى الذي ذكر؟
قال (292):
(وأما السنة فقوله عليه السلام: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر).