وارد في حق علي في أحاديث الفريقين، وغير وارد في حق غيره كذلك بل مطلقا، فكيف لا يكون اختصاص به؟
بل في بعض الأحاديث التي رواها القوم أيضا أن أبا بكر نفسه من رواة هذا الحديث عن رسول الله في حق علي، فقد روى الحافظ الخطيب الخوارزمي المتوفى سنة 568 بسنده: " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان في جمع من أصحابه فقال: أريكم آدم في علمه ونوحا في فهمه وإبراهيم في حكمته. فلم يكن بأسرع من أن طلع علي. فقال أبو بكر: يا رسول الله أقست رجلا بثلاثة من الرسل؟ بخ بخ لهذا الرجل، من هو يا رسول الله؟ قال النبي صلى الله عليه وآله ألا تعرفه يا أبا بكر؟ قال: الله ورسوله أعلم. قال: أبو الحسن علي بن أبي طالب.
قال أبو بكر: بخ بخ لك يا أبا الحسن، وأين مثلك؟ ".
وبالجملة، فإنكار دلالة هذا الحديث على اختصاص تلك الكمالات به دون غيره مكابرة واضحة، ولذا لم يتفوه به شيخه العضد وشارحه، بل كان اعتراضهما بغير ذلك، وقد أجبنا عنه في (الطرائف) بما لا مزيد عليه.
قال (299):
(وإن أحب خلقك يحتمل تخصيص أبي بكر وعمر عنه، عملا بأدلة أفضليتهما، ويحتمل أن يراد: أحب الخلق إليك في أن يأكل منه).
أقول:
أما الاحتمال الأول ففيه:
أولا: إن القرائن الحالية والمقالية الموجودة مع حديث الطير تفيد كونه آبيا عن أي تخصيص.
وثانيا: إن تخصيص أبي بكر وعمر منه - ولا يخفى أنه لا يذكر عثمان معهما - موقوف على ثبوت أفضليتهما، وقد عرفت أنه لا دليل عليها مطلقا.
وثالثا: إن بعض ألفاظ حديث الطير المروي في غير واحد من كتبهم المعتبرة نص في عدم تخصيصهما، فقد روى النسائي في (الخصائص) بسند صحيح عن