ورجع أبو بكر وعمر إلى المدينة فقالا: ما لنا يا رسول الله؟ قال: ما لكما إلا خير، ولكن قيل لي: لا يبلغ عنك إلا أنت أو رجل منك (1).
فنقول:
أما الاقرار ببعث أمير المؤمنين خلف أبي بكر وأخذه الآيات منه.. فلم يكن لهم مناص منه..
وأما الدعوى بأن النبي صلى الله عليه وآله أمر أبا بكر على الحجيج ولم يعزله عما ولاه فليس لها شاهد في الأحاديث المذكورة ونحوها، بل كل ما هنالك أنه بعثه " ببراءة لأهل مكة " ثم بين البراءة في الحديث الأول بقوله: " بعثه ببراءة لأهل مكة: لا يحج.. " ويفيد الحديث الثاني أن هذه الأمور هي مفاد " عشر آيات في سورة براءة ".. وذلك ما أخذه منه علي عليه السلام وبلغه.. كما هو مفاد الأحاديث الأول والثاني والرابع.. فأين أمارة الحج؟
ثم إن هذه الأحاديث وغيرها صريحة في أن عليا لحق أبا بكر - أو هو وعمر - في الطريق، ورد أبا بكر من حيث أدركه، وفي بعضها أنه لحقه " بالجحفة..
ورجع أبو بكر إلى المدينة.. " فأين أمارة الحج؟
إنه لم يكن في الواقع إلا أنه صلى الله عليه وآله بعث أبا بكر بإبلاغ أهل مكة: " أن لا يطوف بالبيت عريان.. " وهي مفاد الآيات من سورة البراءة، ثم أمر عليا عليه السلام أن يدركه في بعض الطريق فيأخذ منه الكتاب ويبلغه أهل مكة بنفسه ويرجع أبو بكر إلى المدينة..
أما أن السبب في ذلك.. فليس في الأحاديث إلا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نزل عليه جبرائيل فقال: " لن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك " كما هو نص الحديث الثاني وغيره. فقولهم: " لأن عادة العرب.. " لا دليل عليه، بل في الأحاديث قرائن عديدة على أن السبب ليس ما ذكروه، ومنها: