ترجيح البعض بلا مرجح، فكذلك الأمر في عموم المطلق وشموله لجميع أفراده.
إذن، لا سبيل إلى إنكار دلالة الحديث على العموم، ومن هنا اعترف شيخه القاضي العضد بذلك (1) إلا أنه ادعى العهد، لكن السعد يقول: (وربما يدعى كونه معهودا كغلام زيد) فهو غير جازم بالعهد، وذلك لأنه يدري أن العهد المدعى ليس إلا قرينية زمان صدور الحديث، وهو وقت الخروج عن المدينة إلى تبوك .. كما نص عليه شارح المواقف.. وهو موقوف على كون المورد مخصصا وهو باطل، ولذا قال: (وأما الجواب: بأن النبي لما خرج.. فربما يدفع بأن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب، بل ربما يحتج..).
هذا أولا.
وثانيا: إن ورود الحديث غير مختص بهذا المورد، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذا الكلام لعلي عليه السلام في مواضع عديدة، منها عند المؤاخاة، وقد أوردنا الخبر في ذلك في (الطرائف) عن أحمد بن حنبل كما في (كنز - العمال)، وسيأتي خبر آخر فيه قريبا.
وأما قوله: (وليس الاستثناء المذكور إخراجا.. بل منقطع..).
فهذا الإشكال ذكره شيخه القاضي العضد.. فأنصف السعد وأجاد في دفعه بقوله: (اللهم إلا أن يقال: إنها بمنزلة المستثنى، لظهور انتفائها).
إلى هنا تم دلالة الحديث على العموم..
قال: (ولو سلم العموم فليس من منازل هارون الخلافة والتصرف...
وقوله: اخلفني ليس استخلافا..).
ويرده تصريح كبار المفسرين منهم بتفسير قوله: * (اخلفني) * بأن المعنى " كن خليفتي ونافذ أمرك فيهم " فلاحظ تفاسير: (الكشاف) و (الرازي) و (البيضاوي) و (النيسابوري) و (النسفي) و (ابن كثير) و (الخازن)..