على أن الموقف ليس جديدا عليه، فقد أيد ثورة الإمام زيد بن علي زين العابدين بن الحسين أيام الحكم الأموي، وسمى خروج زيد جهادا في سبيل الله وشبهه بيوم بدر وحاول أن يخرج مع الإمام زيد، ولكن كانت لديه ودائع للناس أراد أن يسلمها لابن أبي ليلى فرفض، ولم يجد أبو حنيفة إلا ماله يجاهد به فأرسل إلى الإمام زيد مالا كثيرا يمير به جيشه ويقويه.
وحين ولي العباسيون أيدهم أول الأمر، ولكنهم بطشوا بمعارضيهم وصادروا حرية الرأي ونكلوا بالعلويين، ونكلوا عن العدل الذي بايعهم عليه فأعلن عدم رضاه عنهم في حلقات الدروس...
وكان المنصور قد جمع رؤوس العلويين وسجنهم وصادر أموالهم وأراضيهم، ثار العلويون بقيادة محمد النفس الزكية وأخيه إبراهيم بن عبد الله فبعث المنصور جيشا ضخما ليحصد العلويين.
أعلن أبو حنيفة تأييده للثورة وبكى مصائر العلويين بعد أن نجح المنصور في إخماد الثورة والقضاء على قائديها وفتك بأهل المدينة المنورة الذين أيدوا الثورة.
وكان عبد الله بن الحسن شيخ أبي حنيفة والد محمد النفس الزكية وإبراهيم في سجن المنصور يعذب حتى الموت.
وحين مات أعلن أبو حنيفة في حلقته أن واحدا من أفضل أهل زمانه قد استشهد في سجنه وبكاه وأبكى عليه. (1) وكان ينتقد أخطاء ابن أبي ليلى نقدا أوغر عليه صدر الرجل... حتى نقد حكما فاحش الخطأ فانفجر غضب ابن أبي ليلى... وذهب ابن أبي ليلى إلى الخليفة يشكو أبا حنيفة واتهمه بأنه لا يفتأ يهينه ويظهره للناس بمظهر الجاهل، وفي ذلك إهانة للخليفة