«جاء الحبر إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقال: يا محمد! إن الله يضع السماء على إصبع...» (1).
وفي بعضها: «جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) من أهل الكتاب، فقال: يا أبا القاسم! إن الله يمسك السموات على إصبع...»! (2) ونعود إلى صلب الموضوع في تعاون المحدثين والحكام للقيام ضد حركة أهل الرأي من أصحاب أبي حنيفة. فلما أحس الحكام تفوق علماء الحنفية في المنازعات والمناظرات على المحدثين، أخذت طائفة منهم في بعض الأدوار لزوم هذا المذهب، واستخدموا قضاتهم على المناصب المهمة، ولذلك نرى كثيرا من المحدثين يستبدلون مذهبهم من الشافعي إلى الحنفي، وبالعكس.
وهذا التلون والتبدل في المذهب لدى الأمراء والمحدثين إنما يتبع اتجاه الخليفة الفكري والسياسي. (3) وكما أشرنا أن المحدثين أيضا قد استعانوا في كتبهم الحديثية ببيان آرائهم ونظراتهم الاجتهادية ولقنوها أبناءهم، فلما رأى أبو حنيفة وأصحابه ذلك اشتدوا وتصلبوا في العمل بالقياس واهتموا بالحديث، لمواجهة الخصوم، وما يتهمهم به المحدثون من جهل بالحديث، أو إنكار التصحيح عنه.
فنرى بعد ذلك أصحاب أبي حنيفة، أبا يوسفهم القاضي والشيباني يقبلان الحديث، وعلى أثرهما أبو جعفر الطحاوي صاحب كتاب «مشكل الآثار»، إذ جمع بين