القطع " أي لا يكون سببا للقطع بمتعلقه، وإلا فمع القطع يكون القطع هو الحجة ولكن هو حجة بمعناها اللغوي أو قل بتعبير آخر " الحجة ": كل شئ يكشف عن شئ آخر ويحكي عنه على وجه يكون مثبتا له " (1). ونعني بكونه مثبتا له: أن إثباته يكون بحسب الجعل من الشارع لا بحسب ذاته فيكون معنى إثباته له حينئذ أنه يثبت الحكم الفعلي في حق المكلف بعنوان أنه هو الواقع، وإنما يصح ذلك ويكون مثبتا له فبضميمة الدليل على اعتبار ذلك الشئ الكاشف الحاكي وعلى أنه حجة من قبل الشارع.
كما تنقسم الحجة في المنطق إلى قياس وتمثيل واستقراء، والحجة ما يصح الاحتجاج به وما يحتج به المولى على العبد في مقام المنجزية ويحتج به العبد على المولى في مقام المعذرية، ثم الحجة تنقسم بالتقسيم الأولي إلى عقلية وشرعية، والأولى هي التي يصح التعويل عليها بصورة عامة في كل سؤال عن السبب، والثانية هي التي يصح الاحتجاج بها في الأمور الشرعية، أي ما يصح التعويل عليها في الفتاوى للفقيه، فهي بصورة خاصة وبين الحجتين نسبة العموم المطلق، فكل شرعية عقلية ولا عكس فإن الحاكم بصحة الحجة هو العقل وكل واحد من القسمين ينقسم إلى حجة إلزامية وإلى حجة إرشادية والأولى بمعنى ما يجب عند العقل التعويل عليه والإلزام بما تقتضيه نفس الحجة والثانية ما يجوز التعويل عليه والإرشاد ويكون من خواصها.
فالحجج الإلزامية العقلية كالبراهين الدالة على المبدأ والمعاد والنبوة الخ والحجج الإرشادية العقلية كأخبار العالم ورأي المتخصص وقول الخبير وتصير إلزامية عند الرجوع إليها والتعويل عليها والحجج الإلزامية الشرعية كالأنبياء وأوصيائهم المعصومين فإنهم حجج الله ويجب الأخذ بأقوالهم وأفعالهم وتقريرهم والذي يعبر عنها القول والفعل والتقرير بالسنة (2)، وفيما نحن فيه من معرفة معنى الحجة يفيدنا في المقام الحجة لغة ومنطقا لكونها يوصلان بالقطع بأمر بحيث يصلح أن يحتج به على الغير سواء في الدنيا أو في الآخرة، وعلى ضوء الاستدلالات العقلية البرهانية. وعلى