خلف ابن عمها وهي تقول خلوا ابن عمي أو لأكشفن رأسي للدعاء، حيث يقول سلمان " فخرجت فاطمة (عليها السلام) فقالت: يا أبا بكر أتريد أن ترملني من زوجي - والله - لئن لم تكف عنه لأنشرن شعري ولأشقن جيبي، ولآتين قبر أبي، ولأصيحن إلى ربي:
فأخذت بيد الحسن والحسين (عليهما السلام)، وخرجت تريد قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال علي (عليه السلام) لسلمان: أدرك ابنة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فإني أرى جنبتي المدينة تكفيان، والله إن نشرت شعرها، وشقت جيبها، وأتت قبر أبيها، وصاحت إلى ربها لا يناظر بالمدينة أن يخسف بها (وبمن فيها)، فأدركها سلمان (رضي الله عنه) فقال، يا بنت محمد، أن الله بعث أباك رحمة فارجعي فقالت: يا سلمان، يريدون قتل علي، ما على علي صبر، فدعني حتى آتي أبي فأنشر شعري، وأشق جيبي، وأصيح إلى ربي، فقال سلمان أني أخاف أن تخسف بالمدينة، وعلي (عليه السلام) بعثني إليك ويأمرك أن ترجعي إلى بيتك وتنصرفي. فقالت: إذا أرجع وأصبر، وأسمع له وأطيع " (1).
ويظهر من هذه الرواية أن الصديقة الزهراء (عليها السلام) لو أنها دعت الله تعالى لاستجاب الله دعائها، فإن الإمام علي (عليه السلام) عندما قال: (فإني أرى جنبتي المدينة تكفيان) يعني إشارة إلى أنها كانت عندها الولاية التكوينية وكما سنقف مع هذا البحث إن شاء الله تعالى، وعلى كل حال فإن الصديقة كانت تحمل الاسم الأعظم، ولا ضير في ذلك فهي أم أبيها وأم الأئمة الأطهار الذين يحملون الاسم الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وهناك إشارة لطيفة في كون فاطمة الزهراء (عليها السلام) لها أسم مشتق من أسماء الله الحسنى حيث ورد ذلك في حديث الاشتقاق " هذه فاطمة وأنا فاطر السماوات والأرض، فاطم أعدائي من رحمتي يوم فصل قضائي، وفاطم أوليائي عما يعيرهم ويشينهم، فشققت لها اسما من اسمي ".
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " أن الله شق لك يا فاطمة اسما من أسمائه وهو الفاطر وأنت فاطمة " وعليه فإن فاطمة وديعة المصطفى، فاطمة الإنسية، الحوراء مطلع الأنوار العلوية ومشكاة الولاية وأم الأئمة وعيبة العلم ووعاء المعرفة. واختتم هذا البحث في