عالية جدا، وكما ورد في دعاء كميل " وتجعلني بقسمك راضيا قانعا " أي أن الإنسان المؤمن يطلب من الله تعالى أن يوصله إلى مقام الرضا منه جل وعلا في كل ما يقسمه له سواء من خير أو بلاء أو غير ذلك، ومع هذا كله فلقد ورد في عدة أحاديث مروية عن أهل بيت العصمة (عليهم السلام) أن رأس طاعة الله تعالى الصبر والرضا عن الله تبارك وتعالى.
فلقد جاء في الحديث الشريف عن علي بن الحسين (عليه السلام) أنه قال: " الصبر والرضا عن الله رأس طاعة الله، ومن صبر ورضي عن الله فيما قضى عليه فيما أحب أو كره، لم يقض الله عز وجل له فيما أحب أو كره إلا ما هو خير له " (1) لأنه سبحانه وتعالى كما ورد في بعض الأخبار - عند حسن ظن عبده المؤمن به، إضافة إلى أن الله سبحانه لا يختار لعبده إلا ما فيه خيره ومصلحته، وإن خفيت تلك المصلحة على العبد لمحدوديته وقصوره عن الإحاطة بمصالحه ومفاسده.
وجاء في حديث آخر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن أعلم الناس بالله أرضاهم بقضاء الله عز وجل (2).
فمن خلال هذا الحديث وأحاديث أخرى يظهر مقام الزهراء سلام الله عليها العلي حيث أنها كانت راضية عن الله تعالى بكل ما قدر لها من خير وبلاء، وهذا ينم عن الحالة الإيمانية عند فاطمة سلام الله عليها، فبملاحظة اسمها هذا - الراضية - باعتبار أنه اسم معروفة به عند الله تعالى والله لا يعطي هذا الاسم إلا لمن حاز على مرتبة شريفة وسامية، فبملاحظة أمور أخرى في حياتها سلام الله عليها يتضح ويظهر أنها (عليها السلام) كانت ذا مرتبة علمية وعرفانية بلغت أوج عظمتها، وكما ورد على لسان المعصوم (عليه السلام) " نحن حجج الله على الخلق وجدتنا فاطمة حجة الله علينا " والحجة لا يكون على الآخرين إلا إذا كان ذو مقام علمي وسامي على الآخرين وإلا لا يكون حجة على غيره.
إذن فاطمة كانت راضية وهذا يظهر من خلال أبسط تأمل لحياتها وما جرى عليها